كشفت مصادر مطلعة ل”المدن” عن معلومات جديدة حول الأسباب الحقيقة للخلاف الحاصل داخل منصة القاهرة المعارضة، والتي تضم شخصيات بارزة في المعارضة السورية، مشيرة إلى أنها تنقسم بين ما هو شخصي يتعلق بأعضاء المنصة نفسها، وبين ما هو سياسي على علاقة بالارتباطات الاقليمية.
وكان اجتماع للمنصة قد جرى في 1 كانون الأول/ ديسمبر، عقده 25 من أعضائها، وقال المشاركون فيه إن الهدف منه هو “تنشيط حضور مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، وتعزيز جهود ممثلي المؤتمر في الهيئة العليا للمفاوضات وفي اللجنة الدستورية”.
وكان لافتاً غياب العديد من أعضاء المنصة عن هذا الاجتماع، بعضهم اعتذر عن عدم الحضور، مثل مروان حبش، وبعضهم لم يُدعَ للاجتماع، مثل أحمد الجربا وفراس الخالدي.
وبينما لم يصدر أي توضيح من المجموعة التي حضرت الاجتماع وخرجت بالقرارات أو التوصيات الجديدة حول استبعاد الآخرين، كشفت مصادر “المدن” أن الهدف الحقيقي من اللقاء كان إعادة ضم خالد المحاميد إلى المنصة بعد أن فُصل منها عام 2017 حيث انضم إلى هيئة التفاوض ممثلاً عن المعارضين المستقلين، ثم أعلنت الهئية إقالته نتيجة تصريحات أدلى بها واعتبرتها خروجاً عن الخط الثوري العام.
وأضافت المصادر أن “الطرح المتداول حالياً هو استبدال أحمد الجربا، رئيس تيار الغد في المنصة، بخالد المحاميد، بناءً على توصيات من الخارجية المصرية، حيث ينقسم غالبية أعضاء المنصة بين من هو مرتبط بالخارجية وبين الذين تجمعهم علاقة وطيدة بالمخابرات المصرية، فيما للجهتين حالياً توجهات غير متطابقة حيال الصراع في سوريا”.
وتابعت: “استطاع خالد المحاميد إقناع الكثير من أعضاء المنصة بأنه يحمل اليوم مشروعاً سياسياً خليجياً مقبولاً من روسيا، وقد حصل على تمويل مالي كبير له، وأبلغهم بأن الجربا يعاني حالياً من ضائقة مالية تمنعه حتى من التصرف بأمواله الموجود أغلبها في إقليم كردستان-العراق، كما أنه بات ورقة محروقة بالنسبة للسعودية والامارات، ناهيك عن عدم وجود قاعدة شعبية له في الوقت الحالي، بينما يمتلك (أي المحاميد) قاعدة واسعة حالياً في منطقة حوران، خاصة وأن صهره أحمد العودة هو من يقود اللواء الثامن في الفيلق الخامس المدعوم من روسيا والذي يضم آلاف المقاتلين من أبناء المنطقة، كما أوحى بذلك المحاميد لمن تواصل معهم من أعضاء المنصة”.
المصادر ذاتها كشفت عن أن المحاميد استطاع أن يستميل بعض المحسوبين على أحمد الجربا من أعضاء مؤتمر القاهرة، وكذلك بعض أعضاء تيار الغد الذين يتحضرون حالياً للإعلان عن كيان معارض جديد. ويعمل المحاميد على جس نبض شخصيات من مختلف قوى المعارضة حول إمكانية الانضمام إليه، لكن قيادة المخابرات المصرية الداعمة للجربا تحركت على الفور وطلبت من التيار المحسوب عليها في المنصة إصدار بيان يوضح حقيقة ما جرى ويقطع الطريق على هذا المشروع، وأبلغت هذا الفريق بأن المحاميد يمارس التضليل ويبالغ في تصوير إمكاناته وكذلك حقيقة علاقاته بالسعودية والإمارات، وأن الرياض ترفض مشروعه السياسي ورؤيته للحل في سوريا، بناء على الرفض الأميركي لأي مقاربة تتساوق والمشروع الروسي.
من جهته، رأى الصحافي عمر كوش أن ما رشح عن الاجتماع الأخير لمنصة القاهرة يؤكد تفاقم الخلافات الشخصية بين القائمين على المنصة وتداخلها مع صراع المحاور الإقليمية حول سوريا، بالإضافة طبعاً إلى محاولة المنصة استثمار الانتقادات الحادة الموجهة للائتلاف الوطني ومؤسسات المعارضة المرتبطة به مؤخراً من أجل تثقيل حضورها.
وقال في تصريح ل”المدن”: “يبدو أن هناك خلافات تعصف بالمنصة، بدليل انقسام الأعضاء بين من حضر الاجتماع وبين من تنصل منه وبين من لم يُدعَ أو لم يحضر الاجتماع، والشخصيات التي حضرت الاجتماع ليس لها ثقل ولا تمثل أحداً على الأرض إنما تمثل نفسها وأجندات الجهات الداعمة لها، خاصة محور الإمارات والسعودية ومصر”. وأضاف أن “الواضح أن الغاية هي إبعاد شخصيات أخرى، وهذا ما يتضح من البيان الذي أصدره أعضاء آخرون بالمنصة استنكروا فيه الاجتماع الأخير”.
ويبدو، حسب كوش، أن الشخصيات التي عقدت هذا الاجتماع، إنما أرادت الاستفادة من اللقاء الرباعي الذي استضافته القاهرة مؤخراً وضم ممثلين عن السعودية والإمارات والأردن بالإضافة إلى مصر، من أجل الإيحاء للسلطات في هذه الدول بأن هناك ترتيباً جديداً لهذه المنصة، وأنه يمكن لهذه الشخصيات أن تلعب دوراً في توجهات هذا المحور بما في ذلك تقديم التنازلات المطلوبة، خاصة وأن هناك من كشف من أعضاء المنصة أن الاجتماع كان في أحد عناوينه الرئيسية الابتعاد عن الائتلاف المسيطر عليه من قبل المحور التركي-القطري، بالإضافة طبعاً إلى استغلال النقمة الشعبية على الائتلاف واللجنة الدستورية بعدما انتهت إليه اجتماعات جنيف الأخيرة من تقديم تقديم تنازلات كبيرة من قبل وفد المعارضة.