كتب أيمن خالد
العقوبات الأخيرة على نظام الأسد قصمت ظهره، وقطعت أوصال أجنحته بما لم يكن يتوقع، خصوصاً وأنها أصابت ماري أنطوانيت الشام بحسب (فيصل القاسم) التي صارعت طوال الفترة الأخيرة على الاستحواذ على ما بقي في جيوب الناس، فقراء وشركاء، فلم تسلم الطبقة الفقيرة من خطط الظل الاقتصادية التي تقودها، ولم يسلم شركاء النظام ذاته، من وقوعهم تحت هيمنتها.
عموماً، تاريخ آل الأسد مليء بقضايا السلب والنهب، ولا تزال المحاكم الأوروبية تكشف المزيد، سواء في فرنسا أو غيرها.
أهمية العقوبات أنها أصابت عائلة الأخرس، التي كانت تتوهم ابتعادها عن الوقوع تحت وطأة ذلك، باعتبارها تحمل الجنسية البريطانية، ولكن، الأمريكان ومن خلال قانون قيصر، كانوا مسبقاً قد أغلقوا كامل النوافذ على الغارقين في الوهم، وكان واضحاً أن لديهم فيتو على رأس النظام، وأن استمرار الوضع كما هو لم يعد ممكناً، وبالتالي نحن أمام تغيير حتمي لا مفر منه، لن يكون بعيداً وهو قادم لا محالة.
بعيداً عن فكرة الانتخابات، التي لن تقوم كما يتوهم الأسد، ولن تتقدم خطوة ولن يعترف بها أحد، كما يتوهم مناصروه، خصوصاً تلك الطبقة التي ترى في انتخاب الأسد مجدداً، كسب المزيد من الوقت أمام المساءلة القادمة، فالأيادي التي قتلت وأصابت صميم المجتمع السوري المسالم، تدرك أن وقت العقاب قد اقترب، ولديها أوهامها باستمرار الإفلات من العقوبة، من خلال مظلة إيرانية أو روسية تطيل أمد الحرب لسنوات قادمة.
لا هذا ولا ذاك، فالروس يعلمون أن بقاء نظام دمشق لا يخدمهم بشيء، وهم سيكونون أمام أي بديل قادم في دمشق أفضل حالاً، لأن نظاماً مفلساً، لا أحد يعترف به، ولا مبرر لبقائه، لن يشكل رهاناً سياسياً لهم.
وحتى لو أن هذا النظام أرسل مزيداً من الجنود لكي يتوهوا في الصحراء بحثاً عن داعش، وحتى لو مات المئات من جنوده في الأيام القادمة بذريعة محاربته لــ داعش، فالعالم على ثقة، أن روابط النظام مع المتطرفين معروفة ومكشوفة، وكل هذا لن يعيد الوقت إلى الوراء، فلم يكن النظام يوماً جزءاً من محاربة داعش، ولن يكون في المستقبل جزءاً من لعبة مكافحة التطرف كما يتوهم.
العقوبات على عائلة الأخرس كانت بمثابة صفعة قوية، تلقفها مؤيدو النظام، الذين سيقرؤون فيها نهاية قريبة له، ما يعني أن بعضهم يمتلك الفرصة للقفز من قارب الأسد المثقوب، وهذه بالضبط رسالة العقوبات، التي ستزداد لاحقاً، لخلق بلبلة داخلية، ما قد يؤدي إلى قيام النظام قريباً بحملات تطهير داخلية، ضد كل من يتوقع منه أن يقفز من قاربه أولاً.
هذه العقوبات هي الأخطر على نظام الأسد، لأنها مخصصة لتفكيك الكتلة الصلبة حول رأس النظام، ما يعني اشتعال معركة النظام الداخلية، فهل أوشكت على الحدوث، وهل يمكن أن تكون هناك معارضة سورية (سلمية واعية) قادرة على إدراك الخطوات القادمة للمساهمة في إزاحة هذا النظام والإسراع في رفع الأعباء عن الشعب بدلاً من التقاتل في مؤتمرات الظل، والمكاتب الخلفية.
في الفيديو الذي بثته الخارجية الأمريكية على موقعها على الإنترنت يوم إعلان العقوبات الأخيرة، ظهرت صورة لعشرات الآلاف من سكان مخيم اليرموك، ولا نظن أن ذلك مصادفة، فالصورة تلك، التي زجتها الخارجية الأمريكية من أشهر صور الحرب السورية، وكانت الأمم المتحدة قد نشرتها في نيويورك وطوكيو وهي من أكثر صور الحرب تعبيراً عن الجرائم بحق المدنيين، إذ التقطت الأمم المتحدة الصورة عندما سمح النظام لسكان مخيم اليرموك بالحصول على الطعام بعد حصار شنيع أدى إلى موت أكثر من 125 شخصاً جوعاً.
أظن أن هذه الرسالة موجهة إلى فصائل دمشق الفلسطينية، التي شاركت في صنع الجريمة، وشاركت في قتل السوريين في أماكن عديدة، وما يميز تلك الفصائل، أن قادتها ليس لهم حسابات بنكية، وهم يعتمدون على إخفاء أموالهم في حقائب تحت رؤوسهم، كما يفعل تجار المخدرات.
اقتربت نهاية النظام، واقتربت نهاية المليشيا، وسوريا على وشك التحرر..
المصدر: نينار برس