منذ خمسة أشهر أنشأ ناشطون “علويون” من مدينة البهلولية بريف اللاذقية صفحة على الفيس بوك تحت اسم “البهلولية نيوز”، وعلى غير عادة الصفحات الموالية، التي تبث أخبار نظام أسد وقتلاه وحتى الأخبار الخدمية العادية، اتخذت الصفحة الجديدة خطاً مغايرا واختصت بانتقاد الواقع الاقتصادي المتردي وفساد حكومة أسد ومسؤوليه.

ورغم أن الفضاء الإلكتروني في مناطق سيطرة أسد بدأ يشهد منذ أكثر من سنة انتشار صفحات تنتقد فساد المسؤولين والواقع الاقتصادي المتردي، ومنها صفحة (فساد في زمن الإصلاح)، غير أن “البهلولية نيوز” تميزت عن جميع تلك الصفحات بثلاثة أمور، الأول هو أنها الصفحة الأولى الناقدة لفساد مسؤولي أسد، وتحملهم تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل مباشر، وليس لقانون قيصر أو للمؤامرة الكونية على سوريا – حسب رواية النظام”.

وأما الأمر الثاني فهو أن الصفحة لا تصدر عن موالين عاديين، بل عن علويين يشكلون جزءا من منطقة كانت ولاتزال الخزان البشري لضباط وعناصر ميليشيات أسد الطائفية.

بينما قد يشكل الأمر الثالث – وهو الأهم –  نقطة مفصلية في تاريخ الثورة السورية، وهو أن الصفحة بدأت مؤخرا تنتقد بشكل مباشر بشار الأسد وأفراد عائلته وأقرب مسؤوليه من جهة، وتدحض سردية الأسد القائمة على محاربة الإرهاب والمؤامرة الكونية وتتبنى سرديات أقرب للثورة والمعارضة من جهة ثانية، كما أنها لاتحذف تعليقات السوريين المعارضين مهما بلغت من انتقاد، خلافا لغيرها من الصفحات، وفوق كل ذلك فإن الصفحة تدار من داخل سوريا وليس من خارجها.

“مطلب مباشر بتنحي بشار الأسد” 
لأول مرة منذ اندلاع الثورة في 2011، تخرج صفحة من محافظة اللاذقية مسقط رأس بشار الأسد وتحمل اسم مدينة علوية معروفة وتنادي بتنحي بشار الأسد عن السلطة.

فقبل يومين وتحديدا في اليوم الأول من العام الجديد، نشرت الصفحة التي يتابعها أكثر 25 ألف معظمهم من المدينة ومن العلويين، مطالبة صريحة بتنحي بشار الأسد.

وكتب مدير الصفحة حرفيا ” سيدي الرئيس .. لايوجد أي كره لدي تجاهك شخصيا رغم انتقادي المتكرر لك.. ولكن هذا الشعب العظيم يستحق من يتنازل لأجله حتى يعيش”.

وليس هذا فحسب فقد لاقى المنشور إعجاب قرابة 700 شخص من المتابعين، وقرابة 250 تعليقا، لايتجاوز من يدافع عن بشار الأسد بينهم العشرين، وجميع ما تبقى يؤيد ما جاء في المنشور بأشكال مختلفة، كما أن الصفحة الموالية لم تحذف أي تعليق من حسابات الشخصيات الثورية والمعارضة.

 

وخلال الأيام القليلة الماضية امتلأت الصفحة بانتقادات طالت أقرباء بشار الأسد وأبرز مسؤوليه كمستشارته بثينة شعبان، حيث لم تقتصر الصفحة على اتهامها بالفساد بل وصفتها عشرات التعليقات بأنها فاسدة وعاهرة أكثر من ممثلات الأفلام الإباحية، هي وجميع المسؤولين الذين عينهم بشار الأسد.

وركزت الصفحة أيضا على جرائم ابن عم بشار الأسد، سليمان ابن هلال الأسد الذي خرج من السجن قبل فترة وجيزة، ولم يقض به – مع أنه 5 نجوم- سوى 3 سنوات، وذلك رغم قتله لضابط علوي في ميليشيا أسد برتبة عقيد بشكل متعمد.

ووصفت الصفحة هلال الأسد بالشبيح، مرفقة فيديو له وهو  يطلق النار قبل أيام على أحد أبناء مدينة  اللاذقية وهو حاليا في حاله حرجة، كما ذكرت  بعض الصفحات.

وعلق العديد من العلويين على المنشور الخاص بسليمان الأسد، بأن عائلة الأسد تقتل أبناء الطائفة إما بإرسالهم للموت على جبهات القتال مع السوريين، ومع تنظيم داعش، أو عبر التشبيح عليهم من أبناء وعائلة الأسد، فيما كتب بعضهم: كفى تشبيحاً يا عائلة الأسد.

 

دحض سردية نظام الأسد
علق أحد العلويين ويدعى أحمد مصطفى وهو من اللاذقية – كما تثبت معلوماته الذاتية في صفحته- على  فيديو سليمان الأسد المذكور آنفا بالقول: لما منشوف هلال الأسد عم يشبح ويرهب العالم على مرأى ودراية من الرئيس.. منعرف أنو القصة موقصة مؤامرة ولاقصة إرهاب ولا قصة حصار.. القصة باختصار أنو في رئيس شايف شعبو دبّان ومو فارق معو إذا عاشو أو ماتو”.

والصفحة مليئة بالتعليقات المماثلة حتى إن مديري الصفحة والمشرفين عليها قالوها علناً في أحد منشوراتهم: ألم يحن الوقت ليعترف البعثيون بفشلهم بقيادة الدولة والمجتمع”.

 

ولم يتوقف الحراك العلوي في البهلولية عند صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي رغم أهميتها للأسباب المذكورة في مقدمة التقرير، ولكن أتباع العشيرة الحيدرية العلوية فيها دعوا في بيان للتظاهر ضد بشار أسد وفساد العشيرة الكلازية التي ينتمي إليها قبل نحو أسبوع، لابل طالبوا بالانحياز إلى مطالب الشعب السوري المحقة في الحرية والعيش الكريم.

نظام أسد يهدد بسبي نساء العلويين
أفقدت صفحة البهلولية نيوز وأهالي المدينة العلوية صواب نظام أسد، حتى إن سفيره السابق في الأردن الضابط المتقاعد بهجت سليمان هدد باعتقال كل أهالي المدينة، لا بل بسبي نسائها في حال لم يسلم مدير الصفحة نفسه له في “مكتبه الأمني في المزة بدمشق”، ويوقف نشر فضائح نظامه، غير أن الصفحة لم تتوقف، لا بل زادت من حدة انتقادها لنظام أسد وأفراد عائلته وحاشيته بعد مقتل 40 عنصرا “علويا” من حي الزهراء بحمص ليلة رأس السنة بكمين لداعش على الطريق الواصل بين دير الزور وحمص.

ومنذ عام تقريبا تشهد صفوف الموالين عموما والعلويين خصوصا، غليانا واحتقانا كبيرين ضد نظام أسد ومسؤوليه، فيما تتواصل قوافل القتلى من أبنائهم ويزدادون فقراً مع انهيار الليرة السورية والاقتصاد السوري، فإن عائلة الأسد وأذرعها الاقتصادية والسياسية والأمنية، تشتري أحدث السيارات والموبايلات ( صور لابن بثينة شعبان وهو يركب أفخم السيارات)، وتأكل أشهى المأكولات، ويعيشون في منازل فارهة.

وبعد كل ذلك فإن هؤلاء المسؤولين يطالبونهم بالصمود والتصدي  بوجه ما يمسونه المؤامرة والإرهاب، ثم يأتي ابن عم بشار الأسد وغيره من العائلة والمسؤولين ويشبح على أبناء الطائفة ويقتلون بعضهم بدم بارد، وهذا ما ذكرته صفحة البهلولية نيوز في أحد منشوراتها تعليقا على آخر محاولة قتل قام بها ابن عم بشار أسد ضد أبناء الطائفة قبل أيام.

وحتى الآن يعتبر تحرك أبناء مدينة البهلولية العلوية التي تبعد 22 كم عن مدينة اللاذقية، هو الانقسام الثاني الأكبر بين العلويين وبشار الأسد، بعد الانقسام بين بشار أسد وابن خاله رامي مخلوف، الذي ظهر إلى العلن في بداية شهر أيار من العام الماضي، حيث هدد مخلوف بشار الأسد بشكل واضح في منشوره الأخير من عاقبة ما أسماه ظلم الناس عبر سماحه لتجار الحروب حسب تعبيره بتخريب الاقتصادي السوري، وأنه هو من سينتصر في الأخير لأنه مع الحق، لكنه لم يذكر كيف سيكون هذا الانتصار أو تلك العاقبة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

القائمة