واشنطن بوست- ترجمة: ربى خدام الجامع

وقع صدام بين نظام الأسد وأكبر حليفة له روسيا من جهة والولايات المتحدة ودول أخرى من جهة أخرى وذلك يوم الثلاثاء فيما يتعلق بالمبادرة الغربية لتعليق حق تصويت سوريا (نظام الأسد) في منظمة حظرالأسلحة الكيماوية العالمية وذلك لعدم تقديمها لتفاصيل حول ثلاث هجمات كيماوية نفذت في عام 2017، وأنحى المحققون في ذلك باللائمة على حكومة بشار الأسد.

فقد أنذرت المواجهة التي قامت في مجلس الأمن الدولي بمواجهة أخرى في اجتماع للدول الأعضاء البالغ عددهم 193 دولة في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بلاهاي في هولندا، خلال شهر نيسان المقبل، والتي من المقرر أن تدرس بالنيابة عن 46 دولة المشروع الفرنسي المتعلق بهذا الإجراء القاضي بتعليق حقوق النظام وامتيازاته في هذه المنظمة.

وقد أتى المقترح الفرنسي رداً على عدم التزام النظام بالمهلة التي امتدت لتسعين يوما والتي انتهت في تموز إذ قام المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بتحديد تلك المهلة أمام دمشق حتى تقوم بالتصريح عن أماكن وجود غاز الأعصاب  والسارين والكلور الذي أعلن المحققون في تلك المنظمة في شهر نيسان الماضي بأنه استخدم من قبل سلاح الجو التابع للنظام لضرب مدينة اللطامنة في أواخر شهر آذار من عام 2017.

وتعكس الجهود الغربية مدى الجهود التي بذلت للتوصل إلى قرار يقضي بمحاسبة الهجمات الكيماوية السورية وللتأكيد على أن حكومة الأسد ما تزال تواصل برنامج الأسلحة الكيماوية لديها ولكن بالسر.

وبنهاية شهر آب من عام 2014، أعلنت حكومة الأسد انتهاء عمليات إتلاف الأسلحة الكيماوية التي لديها، إلا أن أول تصريح لسوريا (نظام الأسد) عن ترسانتها الكيماوية ومواقع إنتاج الأسلحة الكيماوية لديها مايزال موضع خلاف.

موقف أيرلندي ونرويجي

إذ ترى جيرالدين بيرني ناسون وهي مندوبة أيرلندا لدى الأمم المتحدة وعضو جديد في هذه المجلس بأن الأمر كان: “مقلقاً للغاية” وهي تعني بذلك عدم قدرة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من تحديد ما إذا كان التصريح الأولي دقيقاً أو كاملاً، وذلك بسبب وجود ثغرات وتناقضات فيه. وأعلنت بأن تلك المشكلات ليست صغيرة أو ثانوية كما يحاول البعض أن يصورها، في إشارة واضحة لروسيا.

وتتابع السيدة بيرني ناسون بالقول: “على مدار السنوات السبع الماضية، زاد عدد القضايا التي لابد من مواجهتها حيث ارتفع من خمس إلى 19 قضية. إلى جانب إضافة 17 تعديلاً على تصريح سوريا، ويشمل ذلك إضافة موقع لتصنيع تلك الأسلحة، وأربعة مراكز بحث وتطوير، مع مضاعفة عدد العناصر الكيماوية التي تم التصريح عنها”.

  

وعلاوة على ذلك، ذكرت تلك السيدة بأن هنالك مشكلات تتصل: “بمئات الأطنان من العناصر والمواد والذخائر المفقودة والتي ورد في التقرير أنه تم إتلافها” وذلك قبل انضمام سوريا إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، بالإضافة إلى التقارير التي ظهرت مؤخراً حول مقر لتصنيع الأسلحة الكيماوية سبق أن صرحت دمشق بأنها لم تعد تستخدمه، “بالرغم من وجود أدلة واضحة على ما يخالف تلك المزاعم”.

أما منى جول مندوبة النرويج أمام الأمم المتحدة، وهي عضو جديد أيضاً في هذا المجلس، فقد عبرت هي أيضاً عن قلقها تجاه عدم قيام سوريا بتفسير سبب وجود مواد كيماوية لم تتم تسميتها والتي يمكن أن تستخدم في صناعة أسلحة كيماوية، إلى جانب إمكانية استخدامها لأغراض لا تتعلق بالسلاح. وقد تم الكشف عن تلك المواد في مصانع أقيمت ببرزة وهي تابعة لمركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا.

اتهامات روسية

أما مندوب روسيا في الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، فقد جدد اتهامه “لمحققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ووصفهم بأنهم كانوا بلا ضمير، وبأنهم لجؤوا إلى التزوير والتلاعب من أجل توجيه الاتهام لسوريا”.

كما وصف هذه المنظمة بأنها “يعتريها اعتلال التسييس بشكل خطير، واتهم عدداً من الدول التي لم يسمها باللعب بورقة السلاح الكيماوي لزيادة الضغط على الحكومة السورية لأنها لم تسقط عقب ما يعرف باسم الربيع العربي”.

وبالنسبة لأول تصريح للنظام، أعلن بوليانسكي بأن دمشق لم تكن حالة استثنائية، مشيراً إلى التصريحات التي تم تعديلها والتي قدمتها دول غربية على رأسها فرنسا وألمانيا بالإضافة إلى ليبيا. واتهم الوفود الغربية “بمحاولة تضخيم الفتنة بشأن سوريا”.

في حين عبر المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير عن أسفه لظهور: “اتهامات باطلة من قبل من يسعون لتشويه سمعة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية” والنتائج التي خلصت إليها حيال الهجمات في سوريا. وقال: “تلك هي حقيقة الوقائع بكل بساطة، وكلنا نعرفها، ونعرف بأن النظام استخدم أسلحة محرمة بموجب القانون الدولي في حربه ضد شعبه، ومنذ ذلك الحين شاهدنا كيف عاودت الأسلحة الكيماوية الظهور وأصبحت أمراً شائعاً في سوريا وفي مناطق أخرى”.

ثم تقدمت المندوبة البريطانية باربارة وودوورد لتعلن بأن محققي منظمة حظر السلاح الكيماوي، قاموا بمفردهم مع فريق أممي في بداية الأمر، بالإقرار بأن سوريا استخدمت الأسلحة الكيماوية ست مرات على الأقل، وأضافت: “إنها ليست قضايا افتراضية بالنسبة لآلاف المدنيين السوريين الذين عانوا من آثار مريعة ظهرت على أجسادهم بسبب استخدام غاز الأعصاب والكلور”.

وهنا اتهم نائب وزير خارجية النظام والمندوب السابق لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بعض الدول الغربية التي لم يسمها باستخدام منظمة حظر الأسلحة الكيماوية “كمنصة لفبركة المزاعم والادعاءات ومن ثم تبرير الهجوم والاعتداء على سوريا”.

وهدفها من ذلك على حد زعمه هو: “تأطير الحكومة السورية ضمن إطار استخدام الأسلحة الكيماوية وتبرئة الإرهابيين ومموليهم… وتقديم الوسائل اللازمة لهم للهروب عبر منطقة الجولان المحتلة مروراً بإسرائيل وصولاً إلى الدول الأوروبية حيث يمكنهم أن يقيموا هناك”.

كما ذكر المندوب الروسي بوليانسكي بأن سوريا (نظام الأسد) لم تتمكن من تلبية مطالب منظمة حظر السلاح الكيماوي المناهضة لسوريا وذلك بالنسبة للطامنة، وذلك لأنها “بكل بساطة لا تمتلك” أسلحة كيماوية ولا مرافق مخصصة لتلك الأسلحة والتي تقوم تلك المنظمة بالبحث عنها، وأضاف: “نأمل أن تقوم غالبية الوفود التي تمثل الدول الأعضاء في المؤتمر الذي سيعقد في نيسان برفض هذا الاستفزاز، إلى جانب عدم تمرير القرار الغربي الذي يعتبر عقوبة بطبيعته”.

أما نائب المندوب الأميركي، ريتشارد ميلز، فقد ذكر بأن مجلس الأمن والعالم لن ينخدع بالحملة الروسية المتسارعة التي تسعى لتشويه سمعة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

وحث أعضاء المجلس على مطالبة سائر الدول بدعم مشروع القرار الفرنسي ضد سوريا (نظام الأسد) في نيسان “والذي يهدف لتعزيز فكرة محاسبة نظام الأسد على أفعاله… فقد حان الوقت بالنسبة للشعب السوري وسائر سكان هذا الكوكب حتى يعيشوا في عالم خال من خطر السلاح الكيماوي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

القائمة