بيروت- “القدس العربي”: فيما يخيم الجمود على ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، فإن التطورات الجديدة التي برزت في هذا الملف دفعت بعضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب إدي أبي اللمع ورئيس “حركة التغيير” المحامي إيلي محفوض إلى التقدم بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية بعد التقارير المحلية والعالمية التي أظهرت “تورط أركان النظام السوري برئاسة بشار الأسد وبعض المقربين منه بانفجار المرفأ المشؤوم” وفق ما ورد في الإخبار الذي حصلت “القدس العربي” على نسخة منه.
وحمل موضوع الإخبار عنوان “أعمال إرهابية أدت إلى حصول انفجار“، وتحت عنوان الأشخاص المسؤولين وردت عبارة “أركان النظام السوري وكل من يظهره التحقيق فاعلا أو شريكا أو محرضا من موظفين وضباط ومسؤولين أمنيين ومدنيين لدى هذا النظام”. وبعدما عرض الإخبار لانفجار مواد متفجرة معروفة بمادة “نيترات الأمونيوم” في 4 آب/أغسطس داخل حرم مرفأ بيروت ومقتل أكثر من مئتي قتيل وجرح ما يقارب السبعة آلاف وتدمير جزء كبير من العاصمة بيروت وتشريد مئات آلاف العائلات، عدد سلسلة التقارير المحلية والعالمية التي “أجمعت على ذكر عدة أسماء معنية بهذا الموضوع ومنهم رجال أعمال مقربون من الأسد أبرزهم: جورج حسواني والشقيقان عماد ومدلل الخوري”.
وأضاف أبي اللمع ومحفوض في إخبارهما “بما أن هؤلاء المجرمين قد ارتكبوا فعلهم الجرمي عن عمد، وقد قاموا باستعمال مركبات كيميائية عالية الخطورة ومواد شديدة الانفجار، والتي تعتبر على أنها تحدث خطرا عاما، الأمر الذي يضفي على هذه الأعمال الجرمية صفة الأعمال الإرهابية، وبما أن المادة 6 من قانون الإرهاب الصادر بتاريخ 11/1/1958، قد عاقبت هذا النوع من الأفعال بالإعدام، لذلك فإن مقدمي الإخبار الحاضر، يدليان بهذه المعلومات الواردة فيه إلى جانب نيابتكم الكريمة، ويطلبان التحقيق بموضوعه والاستماع إلى إفادة الأشخاص المعنيين مباشرة بالجرم موضوعه، والتحقيق معهم وتوقيفهم والادعاء عليهم وإحالتهم للمحاكمة أمام القضاء اللبناني المختص”.
ومن أمام قصر العدل، أكد أبي اللمع أن “هذا الموضوع لن يتم التخلي عنه أو التراجع عنه بل تريد “القوات اللبنانية” الذهاب بالتحقيق إلى النهاية، كي نصل إلى الحقيقة، وبالتالي لا يتكل أحد على التسويف وتضييع الوقت وحرف الأنظار عن الحقيقة، لأنه لن يمر معنا مرور الكرام مهما كلف الأمر”.
محفوض اعتبر أن السياسيين اللبنانيين المتورطين تكتلوا مع بعضهم البعض لضرب القضاء وتطويق المحقق العدلي وعدم المثول أمامه
واعتبر محفوض أن “أفظع من هول جريمة المرفأ هي التقارير التي نشرت في أكبر الصحف والوكالات العالمية”، ذاكرا ما نشر في “فورين بوليسي”، التي “تعد مصدر صناع القرار في العالم، بأن السياسيين اللبنانيين المتورطين تكتلوا مع بعضهم البعض لضرب القضاء وتطويق المحقق العدلي وعدم المثول أمامه”. وسأل “لماذا لا يريد الرئيس أو الوزير أو المسؤول الذي له علاقة بالانفجار الحضور والمثول أمام المحقق العدلي؟ ومن أنت أمام الضحايا التي سقطت في بيروت والجرحى؟”، وقال “عندما يرفض ذلك الشخص الحضور أمام القاضي فهو إما متواطئ على القضاء ولا يريد أن يقوم بعمله أو فعلا متورط بالجريمة”، معتبرا أن “القضاء في لبنان جمد نشاطه إزاء تعنت البعض”، موضحا في إشارة إلى حزب الله أن “الجهات التي رفضت التحقيق الدولي واعتبرته مسيسا ومنحازا، رفضت أيضا التحقيق العدلي”، وسأل “ما المطلوب؟”.
ولفت محفوض إلى أن “ما ذُكِر في تقارير الصحف العالمية ليس بقليل، خصوصا وأنها لا تنشر معلومات إلا إذا كانت مثبتة”، مشيرا إلى “تقارير استخبارات دولية وتحديدا فرنسية تحدثت منذ عام 2012 عن تهريب أسلحة وأمونيوم من وإلى سوريا”، ومتسائلا “عما فعلته الدولة منذ ذلك الوقت حتى اليوم بهذه المعلومات”.
وأضاف “في وقت ما زال بعض الضباط في السجن، ونحن لا نبرئ أحدا، نطالب المحقق العدلي بالذهاب بالملف إلى النهاية، طالما رأس الهرم أي رئيس الجمهورية قال “كنت أعلم”.
دعا محفوض اللبنانيين، وتحديدا أهالي الضحايا، لتشكيل جدار ضمانة وحماية للقضاة، “الذي من الممكن أن يكون بعضهم خائفا وهذا مشروع” بحسب وصفه
ودعا “اللبنانيين، وتحديدا أهالي الضحايا، لتشكيل جدار ضمانة وحماية للقضاة، الذي من الممكن أن يكون بعضهم خائفا وهذا مشروع، لا سيما وأننا في غابة”. وتوجه إلى اللبنانيين بالقول “الإخبار بات بيد القضاء المختص، الذي يضم قضاة نزهاء، انسوا الإدارة السياسية لأننا فقدنا الحكم السياسي في هذا البلد الذي بات محكوما من “حزب الله”. نحن الشعب وما تبقى من نواب أحرار سنكون سدا منيعا في هذا الإطار”.
وعن استحضار النظام السوري في هذا الملف، قال “من أرسل متفجرات ليقتل ويفجر مساجد ويؤدي إلى نعرات طائفية ومذهبية وقتل الأبرار، ونتيجة المعطيات الموجودة في ملف المرفأ لا يمكن إلا أن نضع علامة استفهام حول دوره”.
مراسَلة بريطانية
وكانت التحقيقات في الملف توقفت بسبب الإقفال العام من جهة وعدم استكمال التبليغات في الطلب المقدم من الوزيرين السابقين للمال والأشغال النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر أمام محكمة التمييز الجزائية لنقل الملف بداعي الارتياب المشروع من قاضي التحقيق العدلي فادي صوان إلى محقق عدلي آخر.
وفي جديد الملف، ما نقلته محطة LBCI عن تلقي النيابة العامة التمييزية مراسلة من السلطات البريطانية، تؤكد أن شركة Agroblend التي تعاقدت مع مالك سفينة روسوس لنقل نيترات الأمونيوم من جورجيا إلى الموزمبيق غير مسجلة في جزر العذراء البريطانية، ما يعني أن عقد النقل بين الشركة ومالك السفينة المقدم إلى القضاء اللبناني مزور وأن هذه الشركة وهمية.
مراسلة بريطانية: عقد النقل بين الشركة ومالك السفينة المقدم إلى القضاء اللبناني مزور والشركة وهمية
وكان المدعي العام البرتغالي حقق مع تاجر النيترات موريرا وحجز جواز سفره وأرسل إلى السلطات اللبنانية علما بذلك. وجاء التحقيق معه بعد تعميم الإنتربول الدولي النشرة الحمراء في حقه وتسلم القضاء اللبناني في 12 كانون الثاني/يناير الجاري نسخة من هذه النشرة التي جاءت بناء على طلب لبنان في حق موريرا وصاحب الباخرة روسوس التي نقلت حمولة النيترات أمونيوم إلى مرفأ بيروت أواخر عام 2013 وأفرغت في العنبر رقم 12 حيث عاينها موريرا عام 2014. وباشر القاضي الخوري إعداد طلب تسليمه إلى القضاء اللبناني بعد التحقيق معه لدى المدعي العام البرتغالي.
جنبلاط: براميل متفجرة
بموازاة ذلك، فإن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان أول من وجه أصابع الاتهام إلى النظام السوري في موضوع إحضار نيترات الأمونيوم سأل في آخر موقف له “من يطالب باستمرار التحقيق بانفجار المرفأ غيري؟ كلهم لا يريدون التحقيق دون استثناء، لأن التحقيق سيوصل إلى أن النظام السوري وأزلامه استوردوا تلك الكميات إلى لبنان، واستخدموها في البراميل المتفجرة لتدمير المدن والقرى السورية، وحسب الدراسات، الكميات التي انفجرت ودمرت بيروت وقتلت المئات وجرحت الآلاف، هي 700 طن، أما باقي الـ2000 طن، فهي أُخَذت إلى سوريا لأن طريق بيروت – الشام أسهل للنقل”.