فنانو الذل والعار : من “بيان الحليب” والشماتة بحصار مضايا والغوطة.. إلى “حرب الجوع”

فنانو الذل والعار : من "بيان الحليب" والشماتة بحصار مضايا والغوطة.. إلى "حرب الجوع"

حين أطبق النظام خناقه على بلدة مضايا في ريف دمشق عام 2016، وصار شبح الموت جوعا يخيم على عشرات آلاف المدنيين المحاصرين نصفهم من الأطفال؛ وكلما كانت تفدنا الفيديوهات والأخبار عن كارثة الأهالي هناك، كانت صفحات محور المقاومة الممانعة وشبيحة النظام وحزب الله في لبنان تشتعل بالشماتة، ومن ينسى كيف كانوا يفتحون أبواب براداتهم المليئة بالطعام وينشرون صورها مع هاشتاغ حصار مضايا.

كذلك حين بلغ حصار الغوطة الشرقية ذروته بعد مجزرة الكيماوي في صيف عام 2013، وعاش قرابة 400 ألف مدني كارثة إنسانية تتمثل بالمجاعة ونقص المواد الطبية؛ يومها عاش أهالي الغوطة قرابة الخمس سنوات يعانون الجوع والحصار؛ ثم قرر من تبقى منهم  بعد اشتداد الحملة العسكرية للاحتلال الروسي والقصف الجوي المكثف على مدنهم وقراهم.. قرروا الخروج بكرامتهم؛ تاركين بيوتهم وأرزاقهم للنهب والسلب على أن يبقوا تحت حكم البوط العسكري

ذاب الثلج وبان المرج
لم تحل الأزمة التي كان يتحدث عنها أبواق النظام ولم تعد سوريا الأسد كما كانت قبل 15 آذار 2011،  بل أصبحت سوريا الصمود في ذيل قائمة دول العالم من حيث دخل الفرد الشهري، إذ تصدرت قائمة الدول الأكثر فقرا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي؛ ليكون متوسط دخل الفرد هو 35 دولارا فقط.

في الأسابيع الأخيرة عاد إلينا “الممانعجية” بفيديوهات ومنشورات جديدة، تعرب عن استيائهم من الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها مناطق سيطرة النظام، وكان اللافت للانتباه ما نشره الممثل الموالي “فراس إبراهيم”، الذي شن هجوماً على حكومة نظام أسد والمسؤولين قائلا “حرموننا من أبسط مقومات الحياة؛ من ماء وكهرباء ووقود وغاز وخبز ورعاية صحية”.

ذكرني منشوره فورا بما جرى في الغوطة وحمص القديمة بعد أن اتبع النظام سياسة الأرض المحروقة ومن ثم الحصار والتجويع على هؤلاء الذين رفضوا الظلم؛ وتذكرت أيضا أن أهم شعار رفع في بداية الثورة كان (يا بثينة يا شعبان… الشعب السوري مو جوعان).

نعم الشعب السوري يومها لم يكن جائعا كان يريد الكرامة والحرية؛ لكن أول من تصدى له هؤلاء الفنانون الذين اختصروا حياتهم ووجودهم بالطعام والشراب ونعمة القائد الممانع.

غسان مسعود وبكاء التماسيح
الممثل غسان مسعود كان تصريحه غريبا عجيبا حين ظهر مؤخرا بلقاء على إحدى الإذاعات الموالية فقال “أخشى أن حرب الجوع تخيفني أكثر من المدافع…. ما يحدث للناس أمر لا يعقله عاقل، معاناة الناس أشد بكثير من سنوات الحرب… لا يمكن لأي أحد ان يزاود عليهم بأي شعار… اللقمة أولا قبل أي شعار”
ثم ختم قائلا “انحازوا للناس يا أولي الأمر”… ثم صار يبكي بكاء التماسيح وبطرف عينه ينظر إلى الكاميرا، ويردد كلمات يبدو أنه نسيها حين كان نصف الشعب السوري تحت الحصار والقصف والتهجير: “إذا خسرتم الناس خسرتم أمكنتكم. ولا تعولوا على أي شيء آخر”.

كلام غسان مسعود مثير للشفقة؛ فلمن يوجّه خطابه؛ لمحافظ حمص؛ أم لأمين فرقة الحزب بدويلعة، أم لوزير المصالحة الوطنية؛ أم لمن اقتلع أشجار التفاح في الزبداني والزيتون في الغوطة ليبيعها لأصحابها بعد ذلك لكي يتقوا برد الشتاء!!؟  لماذا لا يطلب من سيده أسد أن يرحل فتنحل كل المشاكل وينعم الشعب بالغذاء مجدداً.

لا أتوقع أنه يجرؤ على فعلها؛ لأن من عفش صورة الشهيدة رحاب علاوي التي استشهدت تحت التعذيب وقدمها في مسلسله “مقابلة مع السيد آدم” على أنها صورة فتاة مصرية قتلت في ‎ سوريا لن يكون أفضل حالا من المعفش الأكبر وزبانتيه.

في كل المقابلات السابقة كان يقول غسان مسعود “انا ما دخلني بالسياسة” هلأ صار دخلك بالسياسة ياسيد….!!

بشار اسماعيل: جهنم سوريا الأسد

أما “بشار إسماعيل” فكان استهجانه للحال التي وصل إليها السوريون أشد سخرية من غسان مسعود وأكثر واقعية، حين قال “إن الحياة في جهنم أفضل بألف مرة من الحياة التي يعيشها تحت وطأة البرد الشديد وغياب كل مقومات الحياة” بحسب تعبيره.

ونشر إسماعيل في “فيسبوك” منشورا؛ قال خلاله إنه مؤمن وإيمانه مطلق، وقد حرّم على نفسه طيلة حياته إيذاء البشر وحتى كل كائن حي، وأضاف: “لكن اليوم رفعت يدي إلى السماء وناجيت خالقي أن يغفر لي ذنوبي وألا يدخلني الجنة التي يسعى البشر إلى دخولها وأن يكون مثواي جهنم أعيش فيها بهدوء ورفاهية لأن الحياة فيها أفضل ألف مرة من الحياة التي أعيشها تحت وطأة هذا البرد الهائل، وفقدان كل مقومات الحياة”.

الآن أصبحت جهنم أفضل من سوريا الأسد؛ وكأن هذا الفنان الذي كان يتفاخر بتجويع المحاصرين في حلب الشرقية وغيرها من المناطق التي حوصرت نسي أن هؤلاء أيضا أبناء شعبه وجزء من سوريته التي يتفاخر بالانتماء إليها… لا لا هؤلاء إرهابيون ويجوز أن يموتوا ويحاصروا ويقصفوا ويموتوا بردا…

فنانو النظام اليوم يبكون ويتباكون على من يضع لقمة في فمهم؟!  لكن لم يشعروا يوما بالوجع تجاه معاناة الناس؛ ولم توجعهم مشاهد براميل الموت العمياء وصواريخ الحقد ومئات آلاف القتلى وملايين المهجرين واللاجئين!! لم ينطقوا بكلمة الحق يوماً ولم يشيروا بأصابعهم إلى الفاعل! فإلى أي درك وصلنا؟!

إذا كانت ذاكرتهم نسيت أو تناست كيف سخروا من زملائهم الفنانين الأحرار الذين وقعوا على بيان (من أجل أطفال درعا) فاعتبروهم خونة وأطلقوا عليه شماتة وتهكماً اسم (بيان الحليب) فذاكرتنا لا تزال حية.

لسنا مثلهم لنشمت بالناس الجائعة وأحوال الذين هناك، وندرك تماماً أنه ليس كل من في مناطق النظام حاضنة له أو من مؤيديه، لكن ومن دون مراوغة أو كذب: سوريا تحتاج إلى معجز ة لترتاح قليلاً، ونحن لسنا في زمن المعجزات، القادم أفظع وأسوأ بعشرات المرات في ظل قرد القرداحة الذي يبدو أن مهمته الإجهاز على ما تبقى من سوريا والسوريين قبل أن يزيحه مشغلوه عن عرشه الذليل… فقط انظروا الى وضع الليرة والباقي تفاصيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

القائمة