جاءت تصريحات رئيس الوزراء المنشق عن نظام أسد ورئيس هيئة التفاوض العليا السابق رياض حجاب الأخيرة، بمثابة “إسفين” في الخطة الروسية التي تبلورت في مسار الدوحة الجديد، عبر تأكيده على رفض أي دور لبشار أسد في مستقبل سوريا، في حين كثفت موسكو جولاتها في المنطقة العربية سعياً لإنقاذ حليفها أسد ونظامه.
وتزامنت التصريحات الأخيرة مع انطلاق المسار الجديد (روسيا وتركيا وقطر) في العاصمة الدوحة، والمعني ببحث الملف السوري، والذي سبقته جولة مكوكية لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في الدول الخليجية بهدف البحث عن حلول لدعم أسد اقتصاديا وسياسيا عبر إعادته للجامعة العربية.
وقال حجاب في مقابلة مع قناة “الجزيرة” عقب اجتماع الدوحة أمس الخميس، إن “روسيا تسعى لإخراج بشار الأسد ونظامه من الأزمة الكبيرة الواقع فيها، لذلك هي تسعى لإعطائه الشرعية عبر دعم الانتخابات وهذا ما لحظناه من خلال تصريحات المسؤولين الروس”.
وأضاف في مقابلته: أن “الاسد لا يملك أي شيء يقدمه للسوريين في برنامجه الانتخابي، وأكد على وجود تغيير حتمي في سوريا”، مؤكداً أن “الأسد لن يكون رئيسا لسوريا ولن يكون رجل المرحلة المقبلة(..)بشار الأسد يقترب من المحاسبة ولا يمكن إعادة إنتاجه”.
وتابع حجاب: “جاء لافروف إلى المنطقة الخليجية وتحدث عن عودة نظام الأسد للجامعة العربية وضرورة دعمه اقتصاديا، حيث لاقى جوابا واضحا من الدول الخليجية بأن عودة النظام مشروطة بتطبيق القرارات الأممية وأن يكون هناك عملية سياسية حقيقية وأن يكون هناك محاسبة لمن ارتكب الجرائم في سوريا”.
واللافت في تصريحات حجاب أنها تشكل “إسفينا” في المسار السياسي الجديد، وبشكل أساسي في وجه الحراك الروسي الأخير، والتي تسعى من خلاله إلى أمرين الأول إنقاذ النظام من أزمته الاقتصادية التي تعصف بالمناطق الخاضعة لسيطرته بعد تدهور اقتصادي ومعيشي كبير، إضافة إلى عمل موسكو لإعادة النظام وتأهيله سياسياً في المحيط العربي عبر إعادته إلى الجامعة العربية.
وشهدت الدوحة اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية تركيا وروسيا وقطر أمس الخميس بهدف بحث الملف السوري، ما يشكل نواة تحالف جديد للدول الثلاثة باستثناء إيران التي استبعدتها موسكو على عكس مسار “أستانا” الذي يجمع (روسيا وتركيا وإيران).
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الثلاثي أمس في الدوحة: “هذا أول لقاء على المستوى الوزاري بين الدول الثلاث بشأن سوريا”، لكنه أشار إلى أن المسار الجديد “عمره عدة أشهر ولا ينافس مسار أستانا”، مُرحّباً بما اعتبره الرغبة القطرية في خلق ظروف لتجاوز ما أسماها “الأزمة السورية”.
من جهة أخرى فإن المسار الجديد الذي انطلق في الدوحة بمشاركة وزراء خارجية قطر وتركيا وروسيا، يمتاز باستبعاد إيران (حليفة الأسد) وضم قطر وتركيا الداعمتين للمعارضة السورية، وهو أمر رحب به رئيس الهيئة العليا السابق للمفاوضات رياض حجاب خلال مقابلته الأخيرة، مشيرا إلى أهمية وجود بصمات عربية ودور عربي في الحراك الدولي الخاص بسوريا.
وسبق الاجتماع الثلاثي لقاء جمع جاويش أوغلو مع رياض حجاب في العاصمة القطرية الدوحة، بالتزامن مع قرب الذكرى العاشرة للثورة السورية ضد نظام أسد، وفي ظل البحث عن سيناريو ينهي حكم النظام.
ويأتي ذلك في إطار تحرك روسي مكثف في المنطقة العربية في محاولة الترويج للرؤية الروسية حول الحل السياسي في سوريا، وذلك مع دخول الملف السوري مرحلة معقدة بسبب رفض نظام أسد وحلفائه روسيا وإيران الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي الرامي لفرض حل سياسي يمهد لمرحلة جديدة بدون أسد.
وسعت روسيا منذ تدخلها بشكل رسمي في أيلول 2015، إلى إعادة تأهيل نظام أسد بدعم ميليشياته ومساعدته بإعادة السيطرة على مناطق واسعة من سوريا، إلى جانب حراكها الدبلوماسي المكثف لتعويم بشار أسد ونظامه في وجه إرادة الشعب السوري والقرارات الدولية.