إمكانيات كبيرة في بلد صغير، مدفونة في أروقة خلافاته السياسية منذ عقود وحتى اليوم. لبنان حلم النظام الدائم، بعد أن خرج منه مرغماً، ومازال يطمح بالسيطرة عليه يوماً، حتى لو بطرق غير مباشرة، وهذا ما يستمر بالمحاولة لأجله.
يحاول اللبنانيون الذين مازالوا يعانون حتى اللحظة، التخلص من ويلات أعوام الوجود السوري في بلادهم إلا أنه لا تزال بعض مناطقه شاهدة على حقبة قوات الردع السورية.
ناضل اللبنانيون كثيراً لإخراج قوات النظام والتي عرفت محلياً بقوات الردع السورية من لبنان ودفعوا الكثير حتى وصلوا إلى هدفهم عام 2005 بُعيد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وما تزال دماء حاوي وقصير وتويني وآخرين متناثرة على جدران بيروت وما تزال رائحة البارود في سمائها، وما يزال الشهداء الأحياء من حمادة وشدياق شاهدين على ذلك.
بالمقابل لم يستوعب النظام في سوريا أن لبنان قد تحرر منه و طرد منها طردة إبليس من الجنة، فاستخدم على مر الأعوام الماضية أذرعه التي زرعها فيها قبل خروجه من شخصيات عسكرية و أمنية وسياسية .
بالمقابل لم يستوعب النظام في سوريا أن لبنان قد تحرر منه و طرد منها طردة إبليس من الجنة، فاستخدم على مر الأعوام الماضية أذرعه التي زرعها فيها قبل خروجه من شخصيات عسكرية و أمنية وسياسية .
هذا الحلم المنشود تجدد بقوة خلال الأمس القريب وذلك بسبب يقينه أن لبنان سيكون بوابته مرة أخرى على العالم، خاصة بعد فرض عقوبات قانون قيصر وليكن السوق السوداء له.
لكن وعي اللبنانين بعد الأزمة الأقتصادية والسياسية التي يعيشونها، وجراء خبرة الماضي ليس البعيد التي خبروها، جعلهم يترصدون محاولات في السيطرة عليهم وعلى بلادهم بشكل مباشر أو غير مباشر،
بدءاً من مزارع شبعا، ذات الملكية المشتتة، إلى الحدود البحرية شمالاً التي حاول النظام السوري السيطرة عليها.
ومع كل ذلك، تتكرر الرسائل الأمنية للبنان عبر تهديدات وإشاعات ينشرها بطريقة أو بأخرى، كان آخر ها في الانتخابات الرئاسية والتسويق لها وما تردد عنها من تصريحات ورسائل كثيرة.
إذ دأب النظام السوري عبر وكلائه المنتشرين في لبنان والمكلفين بهذه المهمة من داخل سوريا لاستغلال ورقة النازحين السوريين في لبنان، فقام بعدة محاولات للتسويق لنفسه في مجتمع النازحين وذلك لمحاولة رسم صورة إعلامية تظهر عكس الحقيقة، بأن هؤلاء السوريين الفارين من الحرب، هم مع شخص بشار الأسد كرئيس للبلاد، وأن فرارهم ليس بسببه، كما حصل تماماً في انتخابات عام 2014 التي سوق لها الإعلام المؤيد للأسد في لبنان، على أن أعداداً ضخمة من السوريين انتخبوه مما انعكس سلباً على النازحين السوريين من قبل بعض الإخوة اللبنانيين بإظهار مواقف متعصبة، وعنصرية بعض الأحيان تتلخص بأنه طالما لا وجود لمشكلة لكم مع النظام، فلتعودوا إلى سوريا إلى حضن من انتخبتموه.
لكن بيان سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية مؤخراً، والذي وجهه قبيل بدء الانتخابات بأقل من 12 ساعة كان بمثابة الرصاصة القاتلة التي غيّرت مجرى الانتخابات في لبنان، مما جعلت نسبة المنتخبين قليلة جداً بالنسبة لعدد اللاجئيين على أراضيه.
هذا البيان حرك الشارع اللبناني بشكل قوي تجاه التحركات الاستفزازية التي يقوم بها المنتخبون، عبر زينة السيارات بصور بشار الأسد وأعلام النظام، والهتافات، فكان اعتراض حافلات المنتخبين التي عبرت من شمال لبنان تجاه بيروت في منطقة نهر الكلب ومهاجمة الحافلات وتكسيرها شجع الكثير من اللبنانين لاعتراض بقية الحافلات مما أجبر السفارة السورية في بيروت على تمديد الانتخابات حتى الساعه 12 ليلاً وإطلاق التصريحات الساسية عبر رجُلُ السفارة والرسائل الأمنية عبر أزلام النظام السوري في لبنان و المتنفعين منها.
من تابع المقاطع الصوتية التي انتشرت عقب تكسير الحافلات يعلم ماهي الرسالة التي حاول النظام توصيلها للبنانين المنتفضين في وجه السوريين المنتخبين، فبدأت الأحاديث والإشاعات بأن من تم تكسير حافلاتهم هم ليسوا سوريين إنما فلسطينيون كانوا في طريقهم للتضامن مع قضية الحرب والقصف على فلسطين.
وما قصده النظام السوري من نشر هذه الإشاعة كان التلويح والتذكير بطريقة بدء الحرب الأهلية في لبنان وما نتج عنها من قوات ردع .
ولم يكتف بهذه الرسالة بل حرك كل خلاياه الأمنية في طرابلس، والتي مر عليها ليلٌ طويلٌ وصعبٌ، أعاد للطرابلسيين معارك جبل محسن والتبانة ابتداءً من إحراق مقر الكتائب لرمي القنابل التي حصلت في مناطق متفرقة.
لتبقى التحركات، ومحاولات إشعال الفتن تارة، والتدخل بين الفرقاء السياسيين تارةً أخرى، ما هو سوى التعبير عن حلم ضائع في وقت ضائع، لنظامين في بلدين مهترئين يتسابقان في السقوط
لتبقى التحركات، ومحاولات إشعال الفتن تارة، والتدخل بين الفرقاء السياسيين تارةً أخرى، ما هو سوى التعبير عن حلم ضائع في وقت ضائع، لنظامين في بلدين مهترئين يتسابقان في السقوط ولا يعلم أيهما قبل الآخر، لكن ما يعلمه الجميع أن شريان حياة الأسد في ظل قانون قيصر هو لبنان ولذلك نشهد، وسنشهد الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان.