الانقلاب الدولي على المعارضة السورية”خطوة خطوة”..لمصلحة خيار الأسد

الانقلاب الدولي على المعارضة السورية"خطوة خطوة"..لمصلحة خيار الأسد

يتصاعد قلق المعارضة السورية من مقاربة “خطوة مقابل خطوة” التي يروج لها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، وسط اعتقاد بأن المقاربة التي تحدث بيدرسن قبل أيام عن حصوله على دعم دولي صلب لها، ويقصد الولايات المتحدة وروسيا، ستكون في خدمة النظام السوري.

وفي آخر تصريحات صحافية له، أكد بيدرسن أن ممثلي روسيا وأميركا أبلغوه بأنهم مستعدون للانخراط في هذه المقاربة، التي ترى المعارضة أن لا مبرر لها، في ظل حالة من انعدام الثقة بأداء المبعوث الأممي.
وتعتقد المعارضة أن بيدرسن يناور للبحث عن طريق سالك بدلاً من مسار اللجنة الدستورية المتعثر بعراقيل وتعنت النظام، فالأخير برأيهم ليس على استعداد لتقديم أي تنازل حقيقي مطلوب منه دولياً دون الضغط بالقدر الكافي.
ويسود اعتقاد، بأن مقاربة “خطوة مقابل خطوة” دخلت حيز التطبيق بعد اتفاق واشنطن وموسكو على مبادئ عديدة في الملف السوري، وذلك في إشارة إلى ما جرى مؤخراً من تخفيف حدة العقوبات على النظام السوري، عبر السماح لدول إقليمية بعقد اتفاقيات اقتصادية كان النظام طرفاً فيها.
ويقول الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي إن “خطوة مقابل خطوة” هي استراتيجية تنفيذية ولدت بعض اتفاق الولايات المتحدة وروسيا على جملة من المبادئ، منها تجنب فشل “الدولة” السورية وانهيار مؤسساتها بما في ذلك “الجيش”، والانتهاء من وجود الإرهاب، وكذلك احترام مناطق النفوذ ومصالح الدول الموجودة في سوريا (روسيا، تركيا، إيران).
ومن المبادئ المُتفق عليها أميركياً وروسياً، حسب حديث بربندي ل”المدن”، هو فشل المعارضة السياسية وعدم قدرتها على إيجاد بديل عن النظام السوري، وأخيراً هناك اتفاق على أن الحل السياسي في جنيف ضمن المبادئ هذه.
وبذلك، يكون النظام السوري أكبر المستفيدين من المقاربة (خطوة مقابل خطوة)، لكن الخطورة لا تمكن في هذه المقاربة، كما يؤكد بربندي، وإنما في النتائج التي ستؤدي إليها، موضحاً أن “هدف روسيا منها هو منع انهيار النظام اقتصادياً، بعد الإمساك بالملفين السياسي والعسكري”.
وفي المبدأ العام، تقوم مقاربة “خطوة مقابل خطوة” على تخفيف وطأة العقوبات دولياً على النظام السوري، مقابل تنازلات من جانب الأخير تتعلق باللجنة الدستورية (ضمن المبادئ المتفق عليها أميركياً وروسياً)، وملف المعتقلين، وغيرها من الملفات الإنسانية.
وفي ظل حالة الشك بتجاوب النظام، يحذّر رئيس “التحالف الأميركي من أجل سوريا” الدكتور محمود برازي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من اعتماد هذه المقاربة، والبدء باتخاذ خطوات في إطار تخفيف العقوبات، قبل أن يبادر النظام باتخاذ خطوات “إيجابية”.
ويضيف ل”المدن”، أنه “عندما تقدم الإدارة الأميركية على خطوات كهذه، فهي تضع الكرة في ملعب النظام، مع تيقنها المسبق باستحالة تجاوبه”، معتبراً أن “من شبه المستحيل أن يغير النظام سلوكه”.
خطوات وشيكة للمقاربة
ولن تقف نتائج مقاربة “خطوة مقابل خطوة” عند الاستثناء الذي منحته واشنطن للحكومة اللبنانية من عقوبات “قيصر” في قضية استجرار الطاقة من الأردن ومصر عبر سوريا، ومن المتوقع من وجهة نظر بسام بربندي، نظراً لأن المقاربة هي بالأساس أميركية-روسية، تسهيل وصول المساعدات بشكل أكبر لمنظمات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية التي تعنى بموضوع إعادة الإعمار المبكر (ترميم مدارس، ترميم محطات كهرباء ومياه، صيانة بنى تحتية) في مناطق سيطرة النظام. وإلى جانب ذلك، ليس من المستبعد، أن تدخل منظمات ممولة أوروبياً إلى مناطق النظام.
غير أن ما يستدعي الانتباه، برغم كل ما سبق، مواصلة الإدارة الأميركية التأكيد على رفضها التطبيع مع النظام السوري، وهو ما عبّر عنه حديث منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، قبل أيام، عن رفض بلاده التطبيع مع النظام السوري، سراً أو علانية، رغم موافقتها على رفع العقوبات عنه تدريجياً.
وفي هذا الإطار، يقول بربندي: “لا يوجد جواب حقيقي لذلك، لكن يبدو فعلاً أن هناك مخاوف من سقوط اقتصادي للنظام، يؤدي إلى قيام دولة مليشيات، ولذلك يأتي هذا التخفيف الاقتصادي في إطار سعي واشنطن إلى إحداث درجة من التوازن”. لكنه يستدرك قائلاً: “لكن الخطوات الأميركية الاقتصادية نحو النظام، لن تصل إلى تغيير جذري، لأن واشنطن غير مستعدة لإعطاء موسكو كل ما تريده”.
ضغط شعبي
ولا يبدو أن المعارضة التي تضعها تصريحات بيدرسن عن المقاربة الجديدة، أمام مأزق جديد، بصدد اتخاذ مواقف صلبة، حيث لا زالت ردود أفعالها تتراوح بين توجيه الانتقادات للمبعوث الأممي، وبين مطالبته بعدم الخروج عن مهمته.
ورغم تلويح رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، أنس العبدة قبل أيام بأن تعليق عمل اللجنة الدستورية هو واحد من الخيارات المطروحة، إلا أن بربندي يستبعد ذلك، لأسباب متعلقة بطريقة تفكير المعارضة السياسية وحرصها على المكتسبات الشخصية. ولذلك يرى أنه من الضروري مقاطعة بيدرسن شعبياً، ويقول: “الحل هو إيجاد ضغط شعبي ثوري إعلامي مقاطع لعمل بيدرسن”، حتى يعيد الاهتمام بمطالب الشعب السوري.
يذكر أن الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية هادي البحرة قد اعتبر أن الطريق إلى السلام في سوريا لا يحتاج إلى خطوة مقابل خطوة، ولا خطوة بخطوة، مضيفاً في رد على تصريحات بيدرسن، أن كل ما يحتاجه الحل في سوريا هو خطوة واحدة فقط، وهي التنفيذ الكامل والصارم والملزم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في العام 2015.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

القائمة