انتفاضة السويداء:أوسع وأعمق من الماضي..والخوف من فتن النظام

هل سيزهر ربيع السويداء في دمشق والساحل؟

انتفاضة السويداء:أوسع وأعمق من الماضي..والخوف من فتن النظام

عقيل حسين|السبت12/02/2022

شارك المقال :

  • 0

انتفاضة السويداء:أوسع وأعمق من الماضي..والخوف من فتن النظام

أعلن منظمو الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوب سوريا تعليق الحراك “بشكل مؤقت” بناءً على طلب الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، مؤكدين أن الهدف هو تجنب الصدام مع النظام، بعد التعزيزات الأمنية والعسكرية التي تم إرسالها إلى المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية.

ودخلت الاحتجاجات الشعبية في المحافظة أسبوعها الثاني الجمعة، حيث شهد مركز مدينة السويداء اعتصاماً شارك فيها المئات، بالتزامن مع وقفات أخرى في عدد من البلدات في الريف.

وكانت الموجة الجديدة من الحراك قد انطلقت قبل أسبوع، احتجاجاً على قرار الحكومة بإزالة عشرات آلاف الأسر من لوائح الدعم، وهو ما رأى فيه الكثيرون استمراراً طبيعياً للثورة الشعبية التي تشهدها البلاد منذ عام 2011.
تخوف وتأهب
ويرى الناشط ريان معروف أن الجديد في هذا الحراك هو المشاركة الواسعة لرجال الدين وانضمام فئات اجتماعية لم تكن ترى في المظاهرات والاحتجاجات طريقة ناجعة لحل مشكلاتها الاقتصادية والسياسية.
ويضيف ل”المدن”، أن “التهديدات التي أطلقها النظام ضد أهالي السويداء كان لها وقع بالتأكيد على المشاركين في الحراك، خاصة مع يقين الجميع أن النظام لا يتوانى في النهاية عن ممارسة كل الجرائم التي ارتكبها في المناطق الأخرى، ولذلك فإن العمل يتركز حالياً على مواصلة الحراك لكن مع الحرص على تجنب الصدام”.
معروف، وهو المتحدث باسم شبكة “السويداء 24″، قال: رغم ذلك فإنه عندما تم إرسال تعزيزات وأمنية وعسكرية إلى المحافظة قبل يومين، تضاعف عدد المشاركين في الاحتجاجات للتأكيد على أن أسلوب التخويف والترهيب لا يمكن أن ينجح في ثني الناس عن المطالبة بحقوقهم”.
وكان بيان صادر عن “مجلس الحراك” في السويداء، أكد أن المجلس قرر “منح فرصة لتنفيذ المطالب المحقة ضمن دولة القانون والمؤسسات لا دولة الفساد والمفسدين”. وقال البيان: “هدفنا كرامة الشعب بالدرجة الاولى وما ينطوي تحت ذلك من العيش الكريم الذي لا يشوبه الذل والهوان، بناء على توجيهات من  الهيئة الروحية، دون أن يعني ذلك التوقف عن الحراك الشعبي”.
وأضاف “نحن مستمرون ولكن لن نسمح لأحد بأن يفوت علينا هذه الوقفة لغايات ومقاصد نحن لا نسعى لها، وبعد هذه المهلة سيتم التعامل حسب معطيات الواقع”.
تحفظات واتهامات
بيان رأى فيه البعض بأنه يعبر عن توجه لإنهاء الاحتجاجات وقطع غير مباشر للطريق أمام المعارضة السياسية التي رحبت بالحراك، بينما رأى فيه آخرون تأكيداً على نفي الاتهامات التي وجهها النظام وحلفاؤه الروس بارتباط القائمين عليه بجهات خارجية.
وكانت وسائل إعلام النظام وشخصيات مقربة منه ومسؤولون فيه قد شنوا هجوماً عنيفاً ضد المحتجين، واصفين إياهم بال”عملاء”. وأبرز هذه الشخصيات كانت بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد، التي اعتبرت أن الاحتجاجات تصب في مصلحة إسرائيل، مطلقة أوصافاً مثل “الطابور الخامس” على الأفراد المتذمرين من تدهور الأحوال الخدمية والاقتصادية في البلاد.
اتهامات رأت فيها الكاتبة السورية المعارضة ريما فليحان أنها تعبر عن دقة المرحلة التي يمر بها النظام، خاصة وأنه يحاول إعادة تعويم نفسه مع تغيّر تعاطي بعض الدول العربية، وبدء الحديث عن إعادة العلاقات معه.
وقالت في حديث ل”المدن”: “هذا الحراك يهدد جهود النظام وحلفائه في إعادة تكريس سلطته الفاسدة غير المكترثة بالشعب، وبعد أن بدأ النظام يشعر بأنه استطاع سحق الناس وكمّ أفواههم للأبد، وأنه ينجح بالخروج من حالة المقاطعة، يأتي هذا الحراك الشعبي ليصفع النظام من جديد و يعبّر عن ضيق الناس بفساده وتضييقه الخناق على الشعب، بينما تعيش السلطة الحاكمة والطبقة المرتبطة بها براحة، غير مكترثة بالحالة المضنية التي وصلت إليها الناس من اذلال وتضييق وافقار وقمع حريات”.
مستقبل الحراك
ورغم الإعلان عن تعليق الاحتجاجات في السويداء من قبل “مجلس الحراك”، إلا أن ناشطين وسياسيين معارضين من أبناء المحافظة أكدوا أن “رفض النظام والقطع معه” باتت حالة متجذرة بين جميع السوريين، وأن المظاهرات والاحتجاجات ستستمر وتتصاعد، خاصة في السويداء التي لم تنقطع عن هذا النوع من الحراك منذ 2011.
وأكد عضو هيئة التفاوض المعارضة يحيى العريضي أن حراك السويداء لم ينقطع، حتى ولو لم يكن ظاهراً، وأن “مجرد عدم التحاق شباب السويداء بجندية الأسد، وكذلك استمرار المحافظة باستقبال السوريين الفارين من مناطق أخرى هو حراك أوجع للنظام الذي سعى باستمرار إلى دق الأسافين بين الشعب”.
وقال ل”المدن”: “لم يُعامل النظام جزءاً من سوريا بالخبث الذي عامل به محافظة السويداء، ولم يكن تسليط داعش عليها إلا انتقاماً من مواقف أبنائها، وفي سياق الحراك الأخطر فقد دفع الروس أخيراً ليعلنوا عن تواجد خلايا إرهابية فيها، تخويفاً للناس وردعاً لما قد يتطور إليه الحراك”.
ورأى العريضي أن الحراك الأخير يختلف عن السابق بعموميته “فالناس وصلت لقناعة أن من يبقى تحت جناح النظام ساقط مثله، وهو لا يكترث إلا لذاته”.
أما عن مآلاته، فيتوقع أن “يأخذ زخماً يوماً بعد يوم حتى وإن تفاوت عدد المشاركين”، مشيراً إلى أن الأهم هو تحريكه لمناطق راكدة “وهذا ما يرعب منظومة الاستبداد”، كما لم يستبعد أن يلجأ النظام إلى محاربته بشكل متصاعد عبر حوادث أمنية أو إشعال الفتنة والقيام بعمليات خطف، “لكن ذلك لن يكون مفيداً له لأن الجميع بات يعلم أساليب النظام وسياساته”.
جدل العلم
ورغم رفع المحتجين شعارات سياسية مناهضة للنظام ولإيران و”حزب الله” اللبناني، وترديدهم هتافات مطالبة بالحرية والديمقراطية، ورغم تنظيم ناشطين وقفات داعمة لهذا الحراك في مناطق أخرى، كان آخرها في عفرين شمال حلب، إلا أن التحفظات من قبل البعض على احتجاجات السويداء لم تتوقف عند التقليل من أهمية دوافعها، التي يرى البعض أنها اقتصادية وستنتهي بتلبية بعضها، بل طاولت أيضاً رفع رايات تمثل الطائفة الدرزية في هذه المظاهرات.
لكن العريضي يؤكد أن تلك الراية رمزية، وهي البيرق الذي حمله الثوار في وجه المحتل الفرنسي، واختيارها كان بهدف إبقاء جميع المشاركين في الحراك متوحدين، لأن الأهم هو تحقيق الهدف.
يدرك الجميع حساسية الموقف الذي يواجهه المشاركون في المظاهرات التي تشهدها محافظة السويداء وكذلك أهمية استمرارها في هذا التوقيت الذي تُبذل فيها جهوداً حثيثة لإعادة تعويم النظام، وعليه تعددت أوجه الدعم والمساندة التي قوبل به هذا الحراك. فإلى جانب تنظيم وقفات مؤيدة، سارع العشرات من السياسيين والناشطين المعارضين إلى إصدار بيانات تؤكد وقوف الجميع بجانب أبناء المحافظة وتأييد انتفاضتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

القائمة