تشهد محافظة السويداء هدوءاً حذراً خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد اندلاع احتجاجات شعبية للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية في المحافظة، تخللها اقتحام المتظاهرين لمبنى “السراي الحكومي” في مدينة السويداء وحرقه، كما قاموا بتمزيق صور رأس النظام بشار الأسد وحرقها والدعس عليها.
ويأتـي هذا الهدوء بعد توقف المظاهرات على خلفية استخدام ميليشيا أسد للعنف والرصاص الحي ضد المتظاهرين، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
توجيه بالتهدئة
وقال ليث البلعوس نجل مؤسس حركة “رجال الكرامة” الشيخ وحيد البلعوس، إنه من الممكن أن تشهد محافظة السويداء بشكل عام تواصلاً للاحتجاجات من خلال مظاهرات متفرقة وقطع طرق في أماكن مختلفة.
وأضاف البلعوس لموقع أورينت نت: “أما بالنسبة لمدينة السويداء، فقد عمد النظام لتخويف المدنيين من خلال استخدام الرصاص الحي لفض الاحتجاجات”، مشيراً إلى أن “هناك توجيهات من قبلهم للتهدئة حقناً لدم الناس، ولعدم استجرارهم إلى المربع الأمني في المدينة كون هذا ما يريده النظام لاستهدافهم بالرصاص الحي”.
وذكر أن “المحافظة تشهد حالياً هدوءاً حذراً لأن النظام لن يهدأ حتى يجر المحافظة لصدام مسلح، لذلك نحاول أن نتجنب الحرب، لكن إذا وقعت نخوضها وننتصر بعون الله”.
تهديد السويداء بمصير 20 مليون سني
وعن تهديدات النظام الأخيرة لمحافظة السويداء، ذكر البلعوس أن مدير إدارة المخابرات الجوية في ميليشيا أسد اللواء غسان إسماعيل “هددنا بشكل علني وصريح وعلى هاتف المنزل الأرضي، بعد أن قمنا بمساعدة المتظاهرين المحاصرين في مدينة السويداء، الذين كانوا يتعرضون للاستهداف بالرصاص الحي”.
وأوضح البلعوس: “بعد عودتي إلى المنزل، تلقيت اتصالاً على الهاتف الأرضي من ضابط عرّف عن نفسه باسم العقيد محمد أو إياد خير بيك، وخاطبني باسم والدي، إذ قال كيفك يا وحيد، وهنا أجبته بما يليق بكلامه”، مشيراً إلى أن الضابط المذكور كان ردّه طائفياً ووجّه لهم السباب والشتائم”.
وتابع: “بعد أن أغلقت الاتصال بوجه المدعو خير بيك، ورد اتصال آخر، وقال المتصل إنه اللواء غسان إسماعيل رئيس شعبة المخابرات الجوية، وهو أيضاً خاطبني بـ(كيفك يا وحيد)، فأجبته أن وحيد فجّرتوه”، في إشارة إلى اغتيال نظام أسد للشيخ وحيد البلعوس بتفجير استهدف موكبه في أيلول/ سبتمبر 2015.
واستطرد البلعوس قائلاً: “بعد مشادة كلامية بيننا، قال إسماعيل نحنا (ميليشيا أسد) فعسنا بقلب 20 مليون سُني ومش عاجزين عنكن يا دروز، وكان ردّنا عليه بأننا سننبش قبر حافظ الأسد من القرداحة”.
تهديدات سابقة
ولفت البلعوس إلى أن هذه ليست المرة الوحيدة التي يخرج بها النظام ليهدد السويداء وأهلها، حيث سبق وأن هدّد أكثر من مرة على زمن والده، وكان أوّل تهديد علني من قبل مدير مكتب “الأمن الوطني” علي مملوك في بداية عام 2015، الذي بعث تهديداً خطياً حينها.
وردّ الشيخ وحيد البلعوس حينها على تهديدات مملوك وذو الفقار غزال (رجل دين علوي)، قائلاً إن “أرواحنا وأرواحكم بيد عزيز مقتدر فافعلوا ما شئتم”، بما معناه أعلى ما بخيلكم اركبوه أو إيدكم وما تعطي”، بحسب ما قال ليث البلعوس، الذي أشار إلى أنهم أيضاً تعرضوا للتهديد ومحاولات القتل أكثر من مرة، إلا أن هذا أوّل تهديد من رئيس إدارة مخابرات الأسد.
وبيّن البلعوس أن نظام الأسد “طائفي يُطلق تهديدات لأنه ليس عنده حل ولغة غير لغة الدبابة والبرميل والطيران الحربي والرصاص، فالنظام غير قادر على إيجاد حلول لمشاكل الناس”، مستشهداً بقول الإعلامي السوري المعارض ماهر شرف الدين، إنه “عندما طالب الشعب بحل سياسي ردّ النظام الذي لا يريد الحل بالرصاص، وطالب بحل اقتصادي ولعدم وجود الحل أيضاً ردّ النظام بالرصاص”.
قمع المظاهرات
وإلى جانب التهديد، مارس نظام أسد كافة الضغوط الأمنية والحزبية والمرجعيات الدينية للوقوف في وجه الحراك الشعبي في المدينة رغم شرعية مطالبه.
وأفادت مصادر محلية لأورينت نت بوقت سابق، أن القبضة العسكرية والضغوط الأمنية والاجتماعية من نظام أسد وأدواته في المنطقة، أدت لإنهاء التجمعات الشعبية في السويداء للمطالبة بتحسين الواقع المعيشي ومحاربة الفساد المستشري في حكومة نظام أسد.
في حين استخدم نظام أسد إعلامه الرسمي والمرجعيات الدينية المحلية لتشويه صورة الحراك الشعبي في السويداء، من خلال الضغط والتهديد الممارس على المحافظة، وخاصة التلويح بالحل الأمني والعسكري لوقف المظاهرات المناهضة له، وكذلك استغلال الخطاب الديني لحرف المسار وإنهاء أي حراك مماثل.
وأثارت الانتقاضة الشعبية في السويداء غضب نظام أسد وشبيحته، خاصة تمزيق وتحطيم صور بشار الأسد والهتاف بشعارات مناهضة وأبرزها “إسقاط النظام”، الأمر الذي دفع عشرات الصحفيين والصفحات في مناطق أسد لتخوين المتظاهرين بمنشورات شبّهت المظاهرات الأخيرة بأحداث 2011، من خلال ذريعة تخريب وحرق الأملاك العامة بدل التظاهر بشكل سلمي.