بينما تتصاعد حدة الغضب الشعبي في مناطق سيطرته بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، وجّه النظام السوري رسائل إعلامية للتعبير عن امتعاضه من فشل الدول العربية بتحقيق أي اختراق في جدار العقوبات الغربية المفروضة عليه.
هجوم على العرب
موقع “الكترونيك ميديا سنتر”، والذي يُعتقد أن بثينة شعبان، مستشارة رئيس النظام هي من تشرف عليه، شن هجوماً حاداً على المبادرة العربية حول سوريا، واعتبرها “جزءاً من مؤامرة أميركية-إسرائيلية لتفكيك حلف المقاومة”.
الهجوم جاء بسبب رفض الكونغرس تمرير قانون ينصّ على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وهو الشرط الرئيسي الذي وضعه النظام من جانبه، مقابل الانخراط في المبادرة العربية على أساس مبدأ الخطوة مقابل خطوة.
اللافت في المقال ما كشفه عن توقف العملية السياسية المرتبطة بالمبادرة العربية، حيث أكد أن “بطء الحركة السياسية على هذا الصعيد، أو توقّفها بالحقيقة، يعني أن دمشق لم تقدّم أيّ تنازلات، وأن خطّة (الانفتاح العربي) قد بلغت نتيجة الصفر”.
بل إن الموقع اعتبر “أن أصحاب خطّة الخطوة مقابل خطوة اعتبروا أن زيارة دمشق أو إعادة مقعد سوريا لأصحابه “الشرعيين”، هي خطوة عظيمة ينبغي على دمشق أن تلاقيها بخطوات تُحقّق مطالب أميركا وإسرائيل في قطع العلاقة مع الحليف الاستراتيجي إيران، وقطع العلاقات مع عموم قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة”.
دور إيران
وينفي الخبير الأردني في الشؤون الإيرانية إياد المجالي أن يكون لإيران أي دور بعرقلة المبادرة العربية، ويتفق مع وجهة نظر دمشق هذه في تحميل الغرب المسؤولية عن تعثرها.
وينفي الخبير الأردني في الشؤون الإيرانية إياد المجالي أن يكون لإيران أي دور بعرقلة المبادرة العربية، ويتفق مع وجهة نظر دمشق هذه في تحميل الغرب المسؤولية عن تعثرها.
ويقول في حديث ل”المدن”: “لا شك أن النتائج التي تمخضت عن المبادرة العربية ما زالت أقل من مستوى الطموحات، وقراءة قمة جدة والجهود الدبلوماسية التي أعقبتها كانت تؤشر نحو تسارع الخطوات في مساعدة دمشق”، لكنه يرى أن “إعادة تأهيل العلاقات العربية مع سوريا تحكمها محددات الرغبة الأمريكية الإسرائيلية بالفعل، أما إيران فلم تكن عقبة في بهذا السياق، خاصة وأنها باتت أقرب إلى استكمال جملة الاتفاقات الاستراتيجية مع السعودية”.
ويؤكد المجالي أن “الأطراف العربية ليس لديها مشكلة كبيرة اليوم مع شكل العلاقات الايرانية السورية، بل أيقنت أن دمشق لن تساوم في التخلي عن طهران”، معتبرا أن “إيران باتت أمراً واقعاً في الجغرافيا السياسية السورية”، أما الدوافع التي تحرك الأطراف كافة إلى صياغة حلول تتوافق مع مصالحها فلا زالت عند مستوى تخفيف حدة التوتر، والانتظار إلى حين حسم الصراع في أوكرانيا.
تهرب من المسؤوليات
من جهته، يرى الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي أن “النظام في أزمة، يحاول التملص منها مجدداً عبر الحديث عن مؤامرة تستهدف المقاومة، والهجوم بشكل صارخ على الدول العربية التي رمت له طوق النجاة”.
ويضيف ل”المدن”، أن “الفريق الدبلوماسي المحيط ببشار الأسد ضحل، وبات تحت سيطرة الضعفاء والانتهازيين، مثل بثينة شعبان وفيصل المقداد، الذين كان عليهم العمل من أجل انتهاز فرصة الانفتاح العربي، إلا أنهم فشلوا مجدداً لأنهم يتحركون وفق تصورات الأجهزة الأمنية”.
بربندي رأى “أن ما يجري أكد، حتى بالنسبة لأكثر السوريين تأييداً للنظام، أن قيادته هي من تسببت بما جرى في البلاد، بسبب فسادها وارتهانها للإيراني والروسي، من دون أن تجد سوى تحميل العرب والغرب المسؤولية عما يعيشه السوريون بحجة العقوبات التي لا تشمل بالأصل المواد المدنية، والتي مع ذلك تم تجميدها منذ زلزال شباط/فبراير، مع السماح بتدفق المساعدات.