أصدر سماحة الشيخ حكمت الهجري بياناً علق فيه على الأحداث الأخيرة والقرارات الحكومية، وتحدث البيان عن نفاذ الصبر وفوات الأوان حيث جاء فيه “الصمت لا يعني الرضى ، فقد طالت التصرفات والإجراءات لقمة العيش ، فآن الأوان لقمع مسببي هذه الفتن والمحن ومصدري القرارات الجائرة المجحفة الهدّامة ، ونقتلع من أرضنا كل غريب وكل مسيء ، وكل حارق مارق قبل أن يسرق أموالنا من موقعه”
الهجري هاجم في بيانه “أعلى المستويات” دون أن يسميها ولكنها أعلى من الحكومة حسب ما يفهم من السياق و التي قال أنه نبهها للأخطاء ولكنها لم تستجب وضربت عرض الحائط بمصالح الناس حيث قال “نبّهنا مراراً إلى نقاط كثيرة وأشرنا إلى مواضع الفساد والإفساد ، وتوجهنا إلى العموم والى أعلى المستويات للانتباه والتعامل والتصرف مع هؤلاء المخربين ، ولكننا في كثير من الأحيان لم نكن نجد جواباً ولا تصرفاً ولا إجراءاً مناسباً ، بل كان يعاد الخطأ الذي نحذر منه ، ويستمر ضارباً إرادة الناس ومطالبهم عرض الحائط “
لا مساومة على ذرة من كرامة وأصالة وانتماء لوطن سوري واحد كامل متكامل بكل أطيافه وتلاوينه الدينية والطائفية والمناطقية
وكان لافتاً توجيه تحية للسوريين من الذين وصفهم بالغيارى والشرفاء و الأحرار الذين جاهروا بكلمة الحق بقوله “لا نزال في جل احترام وتقدير وامتنان للغيارى الشرفاء من أبنائنا شيباً وشباباً ، وكل إخوتنا من أحرار الوطن في كل المحافظات السورية من حوران سهلاً و جبلاً إلى الجزيرة وحلب إلى الساحل وحمص ودمشق وريفها ، على وقوفهم الصادق ، ومشاعرهم النبيلة أمام كل ما حدث وما يحدث ، فلا مساومة على ذرة من كرامة وأصالة وانتماء لوطن سوري واحد كامل متكامل بكل أطيافه وتلاوينه الدينية والطائفية والمناطقية . فتحية لأبناء العشائر في أصقاع بلادنا ، ورجال حوران الوطنيين الأصلاء ، وكل عربي سوري الانتماء في كل ربوع الوطن ممن حافظوا على أصالة منبتهم ، وجاهروا بكلمة الحق وحافظوا على حقوق اخوانهم ، ووحدة وطنهم وحرية بلادهم من كل أشكال الاستغلال والاستعباد والفساد “
أصبحنا أمام دواعش الداخل المتسترين بثياب هيبة أو خلف سلاح محمي من جهات فاسدة
الهجري كان في بيانه حازماً بوصفه من يشغلون مناصب المسؤولية الذين لم يستثني منهم أحد بدواعش الداخل قائلاً “بدلا عن تكريم الشعب الصامد وبعد وقوفنا ضد دواعش الخارج أصبحنا أمام دواعش الداخل المتسترين بثياب هيبة أو خلف سلاح محمي من جهات فاسدة ، كما أصبحنا أمام غرباء استباحوا مقدراتنا وخيراتنا بطرق مشكوك بأمرها ، وخلت المواقع من الصادقين بالتعامل مع كل تلك المحن ، فكان في مواقع المسؤولية أشخاص موتورون يتصرفون بالسوء والجباية والتخريب بقرارات مخالفة للأصول والدستور ، تصدر في الظلام لتصدم الشعب وتنتهك مقدراته وتقضي على آمال العيش الهانىء والكريم ، وصل الحرمان حتى من لقمة الخبز ومن قطرات من الماء والمحروقات باختلاق أزمات ، وتقصير في التمويل والأداء ، وسارت الخطط بمواجهة الشعب لا في مصلحته ، مما زاد من معاناته وأوجاعه… فبدل أن تأخذ الجهات المختصة والمسؤولون دورهم في الدفاع عن أبنائها وحماية ورعاية مصالحهم , صار يتم تخوينهم عند الشكوى ، وافتعال الفتن كلما هب الناس يطالبون بحقوقهم وعيشهم الكريم ، والتهديد والوعيد والحرمان من أبسط مقدرات الحياة ، فما هكذا يعامل شعب من قبل حكومته ، ولا هكذا تكون القرارات ولا التصرفات”
الحجة حرب كونية ، وأي حرب كونية وأنتم تدمرون شعبكم وتحبسون مقدراته عنه
وسخر الهجري في بيانه من عبارة الحرب الكونية قائلاً “الحجة حرب كونية ، وأي حرب كونية وأنتم تدمرون شعبكم وتحبسون مقدراته عنه ، وتسقطون اقتصاده الوطني إلى الحضيض بقرارات بخسة ، وتعاملات لا تهمها سوى الجباية القسرية وتدمير البنى التحتية ، مما تسبب بهروب جماعي من كل المواطنين دون تمييز إلى الخارج ، وتدمير للعلم وتخوين للشرفاء ، لم كل هذا الاذلال أيها المعنيون المؤتمنون على أبناء الوطن ، إن لم تكن قراراتكم من قلوب وطنية بل من جهات أجنبية ، نطالبكم بالعمل وفق إرادة الشعب ومصلحته ، فحرام عليكم أن تستمر هذه المهازل”
وأضاف البيان مهاجماً عملاء الأمن وموضحاً كشف الألاعيب بالقول “ولا يحسب أحد أننا لم نعد نعرف كيف يحاولون إسكات الناس ، وكيف يتم اصطناع الفتن وتوظيف الفاشلين والصغار ، وتبني السيئين والخارجين عن القانون والمدمنين على الممنوعات بكل أنواعها لقمع أهلهم وإلهاء البشر عن مصائبها … نحن نرى كل شيء ، ونعرف مصدر كل حركة صغيرة أو كبيرة ، وكيف يتم تحريك هؤلاء البسطاء بأيد فاسدة اعتادت التعامل بوجهين وأكثر .
ونهيب بأبنائنا .. أن ينتبهوا ، ويستيقظوا من سباتهم ، وينشغلوا لكرامتهم وكرامة أهلهم بدل أن ينساقوا خلف أولئك ، وليخلدوا أسماءهم بالعز بين أهلهم خيرُ لهم أن يركضوا خلف قروش صفراء بشعارات واهية تحت تأثير هيبة جهات معنية متسترة لن تحميهم ، فكما سخروهم ضد أهلهم سيوظفون غيرهم لتصفية آثارهم ، وسيقوم الأهل بتنظيف
الميؤوس من عودتهم عن الضّلال ، وقد رأيتم ما حصل ، وكيف أننا لن نرضى بالذل لا من قريب ولا من غريب ، ومستمرون على ثوابتنا لاجتثاث هذه الظواهر “
وطالب البيان المسؤولين بترك مناصبهم، و اتهم من قال أنه سيصلح بأنه سار بمواكبة الدمار “قلنا ونعيد للمسؤولين والممثلين والجهات المعنية .. أن من كان عاجزاً عن القيام بواجبه تجاه أهله ووطنه واقتصاده ، فليترك المكان ، ولا يتخبط ولا يخرب الموقع الذي يحتله ، فقد سقط اقتصادنا إلى الحضيض ، ودمر الشعب في لقمة عيشه التي لم تعد في متناوله ، وترك الناس ليأكلوا بعضهم رغم كل شيء ولا تدخل ولا حلول ، إلا بالتدمير ، أصبحت عملتنا في الحضيض ، وبدل الاصلاح واكبوا الدمار وآزروه بسوء القرار، بسوابق لم يكن لها مثيل لا في بلدنا ولا في اي بلد في العالم”
“الهجري” تحدث عن ما سماه بيع البلد فيما يراه البعض خطاباً موجهاً لمقام الرئاسة قائلاً “بيعت البلاد ، ونهبت الثروات ، وتعدّدت الأعلام على أرض الوطن”
ثم خاطب سماحته المحتجين رافضاً القبول بالحد الأدنى وداعياً لطرد المزاودين قائلاً “حقكم أن تطالبوا بالعيش الكريم ولن نرضى بالحد الأدنى ، ولنطرد من بيننا كل من يحاولون بثه بيننا للمزاودة على طلباتنا ، أو محاولة تهميش أو تغيير خط طلباتنا المحقة ، وكل من يبالغ ويزاود ، ويتدخل لمحاولة تشويه براءة ومصداقية المطالبات بأي وسيلة كانت ، فالشعب بريء منه ، ولن يؤثر على الصادقين .
فمن حق الناس أن تصرخ وتستغيث ، من حق الناس أن تتوقف عن عمل أصبح يجلب لهم الإذلال ، ومن العيب أن نرى هذا التدمير ونبقى صامتين ..وليكن في وجه من يستلم موقعا قيادياً بعض الحياء والخجل حين العجز والتقصير”
وكان لافتاً اتهام سماحة الشيخ الهجري جهات فاسدة بحرق مبنى المحافظة محذراً من تكرار التجربة بقوله للمعنيين
” لا تزاودوا ولا تحرفوا توجّهات الاحتجاج ، واحذروا من تكرار ما يشابه ما مررنا به سابقا وخاصة حين تمّ حرق المحافظة من جهات ما لمحاولة اتلاف ملفات تدينهم وتدين معارفهم بملفات فساد كبيرة مشتركة بينهم ، حيث أقدم البعض على محاولة تخوين المتظاهرين الشرفاء واتهامهم بذلك ، ولكن الحقيقة معروفة على الملأ ، وأبناؤنا يعرفون أن الدوائر الحكومية مبنية ومجبولة بدمائهم ودماء أهلهم ، ويستحيل عليهم تخريبها لا من الداخل ولا من الخارج ، فلا تعيدوا هذه المسرحيات التي مللنا من تكرارها ، ولم يعد الشعب يطيق الذل اكثر … أصلحوا … ، أوقفوا النهب وسرقة مقدرات الوطن”
الهجري أيضاً رفض موجة التبرعات التي يقوم بها الناس بقوله “ليس المواطن ملزماً بالتبرع لمؤسسات الدولة ، ولا أن يدفع ضرائب مبالغ فيها ولا يعرف مصيرها”
مضيفاً “اعملوا وفق ما ينصه الدستور والقانون بأصوله ، وخاصة حين ينص على حق الشعب أن يطالب .. وعلى حكومته أن تستجيب ، لأن الشعوب لا تخطيء ، ولمصلحة الدولة أن تتجاوب مع شعبها حين يكون مسؤولوها من صميم الشعب بروح وطنية عالية بلا طمع ولا أنانية ولا خوف . ولم يعد الشعب يقبل بالحد الأدنى الذي كانوا يحاولون أخذه منا أصلا ، نريد أن نعود إلى قيمنا الإنسانية ، إلى حياتنا الكريمة ، دون حاجة ودون افقار ولا اذلال .ووفق المستوى اللائق والرفيع . فنحن ملزمون بتاريخنا المجيد الذي ورثنا منه العزة والكرامة والإباء ، وعدم قبول الضيم”
وتحدث البيان عن واقع الحال في المحافظة قائلاً “على مستوى الأمن والأمان ، أصبحنا نحن المكلفين بأن نحمي أنفسنا .. والجهات الأمنية غائبة ومغيبة عند ضرورة وجودها !… إلا لقمع الكلمة ، ولتوجيه أزلامها العابثين وفق أوامرها ضد أهلهم ، الضابطة العدلية والقضائية مشغولة بالجباية ، ومضعضعة من كثرة التنقلات والتعيينات وعدم الاستقرار ، حتى طلب الحق المجاني المصان بالدستور أصبح وسيلة جباية ، الأطباء والمهندسون في الخارج ، كان الشعب حقل تجارب للقاحات عشوائية آثارها تقتل الشباب ، أصبح ابناؤنا أذلاء في الخارج بسبب ما يحصل في الداخل ، عائلات تموت غرقاً أو في البراري بحثاً عن لقمة عيش ، في سوابق ذلّ لم يعرفها الشعب السوري عبر التاريخ .. تفشت المخدرات والممنوعات والرذائل في مهد الاديان ، يتم تدمير العلم والمتعلمين والتنمر عليهم وتغيير المفاهيم .. إذلال للموظفين والعاملين والعمال لم يسبق له مثيل لا في العالم ولا عبر التاريخ”.
وختم البيان بالقول “لا يسعنا هنا سوى أن نتوجه كأبناء شعب عربي سوري واحد ، بالشكر للدول العربية ودول الخليج والمنظمات الدولية والدول التي اأوت شعبنا وقدمت لهم العون التي مازالت تحاول المساعدة لتخليص الشعب من معاناته مع سؤالنا ، أين هي الدول الصديقة ، أين هي الدول الضامنة ؟. .
ونطالب بمحاسبة كل من حرم الشعب حقوقه ، وكل من يدمر بنيان مجتمعنا واقتصادنا ونهب ثرواتنا ، نشكر شعبنا ، ولكل من كان وطنياً مخلصاً ولكل من يسعى للبناء والاصلاح وقمع الفساد بروح وطنية شريفة محضة