الليرة السورية… عليك السلام

الليرة السورية... عليك السلام

وها هو إنجاز جديد يحسب لنظام بشار الأسد، بعد إدخاله العملة السورية ضمن أضعف وأرخص خمس عملات بالعالم، بعد البوليفار الفنزويلي والريال الإيراني والدونغ الفيتنامي والروبية الإندونيسية. متقدماً على المجموع الأوزبكي، بعد أن تعدى سعر صرف الدولار بسورية حاجز 13500 ليرة.

ولن نقول انهارت العملة السورية، بل سنؤثر الدقة الاقتصادية وتسمية الأشياء بمسمياتها، فالليرة حتى الآن تتهاوى، إذ، ورغم فقدان الثقة وعدم القبول الخارجي، لم يزل من يتعامل بهذا النقد، بمناطق النظام مضطراً، بعد خروج التعامل شمال غرب وشرق سورية، والاستعاضة بالليرة التركية والدولار.

ولأنه لا انفراج اقتصادي أو سياسي بالأفق، يمكننا الجزم بأنه حتى “المرض الهولندي” لن يصيب الليرة، إذ لا إيرادات ريعية متوقعة من ثروة باطنية، ولا صادرات منتظرة تهز الأسواق، وتقصي الدول عن الصمود والمنافسة.

ما يعني أن الليرة السورية من سيء إلى أسوأ بواقع زيادة الاستهلاك والاستيراد وتراجع الإنتاج والتصدير والناتج الإجمالي. مشفوعاً بكل ما يقتضيه تهاوي العملة، من أسباب سياسية ونفسية.

قصارى القول: يعلم المتابع للشأن السوري، أن سعر صرف الدولار لم يزد عن خمسين ليرة مطلع الثورة على نظام الأسد عام 2011، طلباً للحرية والكرامة والعدالة بتوزيع الثروة، ليبدأ، بالتوازي مع تهديم النظام لبنى وهياكل الإنتاج، وبيع ورهن الثروات، وقتل وتهجير الكفاءات، مسلسل تراجع سعر الليرة، لتصل اليوم إلى عتبة 14 ألفاً مقابل الدولار الواحد.

ولأن النظام الممانع بدمشق، يموّل الموازنة العامة بالعجز بواقع تراجع الموارد، عبر طبع أوراق نقدية من دون معادل عملات أو معادن أو حتى إنتاج، فقد سرّع من حالة تهاوي الليرة، خاصة بعد استسهاله طرح أوراق نقدية من فئات كبيرة، زادت بفقدان الثقة بالليرة، وساهمت ربما بمفاقمة المخاوف من الاكتناز.

فحين قام السوريون على التفقير والسرقة والإذلال، لم يك ببلادهم أعلى من ورقة 500 ليرة، قبل أن يصدر النظام “المصرف المركزي” ورقة 1000 ليرة عام 2015 ويتبعها عام 2017 بفئة 2000 ليرة ويواصل مشوار التمويل بالعجز وإصدار فئات نقدية كبيرة بالمطابع الروسية الحليفة، بعد توقف طباعتها بالنمسا، إثر العقوبات الأوروبية على النظام منذ عام 2012.

ليزف للسوريين عام 2021 بشرى طرح ورقة نقدية من فئة 5000 ليرة، ويصدر فئة معدلة في يونيو/ حزيران العام الجاري من الورقة نفسها.

واليوم، بواقع تراجع موارد تهريب الكبتاغون، وخيبة الأمل من انفتاح ودعم عربي، وتفاقم إفلاس النظام للحد الذي دفعه لسحب الدعم عن المشتقات النفطية والمقننات، بدأ التروّيج لطرح ورقة نقدية من فئة 10 آلاف ليرة، بذرائع اهتراء الفئات الصغيرة، ووعود بسحب مقابل من المعروض النقدي من السوق لعدم زيادة التضخم.

نهاية القول: صرت بسورية، وبمعنى الكلمة، تحتاج لسيارة لنقل النقود، إن أردت شراء بيت أو سيارة، فأن يصل سعر المنزل بدمشق نحو 2.5 مليار ليرة بزمن إنجازات الوريث الأسد، في حين الموازنة العامة للدولة كاملة لم تزد عن 750 ملياراً عام 2010، فهذا فتح مبين يضاف لسورية الأسد.

فسعر عملة لبلد نفطي وزراعي وصناعي من الطراز الأول، لم يزد صرف الدولار عام 1948 عن 2.2 ليرة، وقت استقل المصرف المركزي السوري عن اللبناني، بعد جلاء المستعمر الفرنسي.

ولم يزد صرف الدولار وقت انقلاب الأب الوارث، حافظ الأسد، عام 1970 عن 3.90 ليرات، وعن 50 ليرة وقت ورث بشار الأسد الحكم عام 2000.

ولكن اليوم، وبعد سلسلة انتصارات بشار الأسد، اضطر الباعة الصغار لشراء عدادة نقود، وتفشى لكسب الزمن كيل رزم النقود بالميزان، بعد أن اختفت العملة المعدنية، نتيجة زيادة سعر المعدن عن القيمة الاسمية لها، جاز لنا وباستحقاق القول: على الليرة السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

القائمة