في وقت تشتعل الحرب بين إسرائيل و”حماس”، يخشى العالم من أن تتوسع هذه الحرب إلى مناطق أخرى من الشرق الأوسط، وفي هذا الخصوص فقد نشرت مجلة “تايم” مقالة لجيري ساينفيلد وزميله ستيفن تيان، وقالت إنه “وسط مخاوف اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وبدلاً من محاولة استرضاء الإرهابيين من خلال إعطائهم امتيازات خطرة، يجب علينا أن نركز على منع الهجمات الإرهابية في المنطقة بقيادة النظام الإيراني”.
ووفقاً لكاتبي المقالة فإن النفط هو أنجع وسيلة ضغط ضد النظام الإيراني، كما أن تشديد العقوبات النفطية المفروضة على النظام الإيراني من شأنه أن يساعد في الحفاظ على السلام والاستقرار الدوليين.
يدفع النظام الإيراني منطقة الشرق الأوسط إلى حرب أوسع من خلال تحريض وكلائه في المنطقة على تكثيف الهجمات ضد إسرائيل والولايات المتحدة، فـ “حزب الله” اللبناني قام بإطلاق طائرات من دون طيار وصواريخ مضادة للدبابات ويهدد بمهاجمة إسرائيل، كما اعترضت السفن الحربية الأميركية صواريخ الحوثيين وقامت بتحييدها، وفي العراق استهدفت الميليشيات المرتبطة بطهران قواعد أميركية بطائرات مسيرة وصواريخ “كاتيوشا”، و”الجهاد الإسلامي” أيضاً وبالتعاون مع حركة “حماس” أطلقت صواريخ وقذائف على إسرائيل من قطاع غزة.
والداعم المالي الرئيس لجميع هذه الجماعات هو النظام الإيراني، ولذلك يرى بعض الخبراء العسكريين أنه “من المحتمل أن يتم تنفيذ هذه الهجمات بالتنسيق مع طهران”.
ويرى كاتبا المقالة أن وسيلة الضغط على النظام الإيراني لإنهاء هذه الأعمال القتالية أقوى بكثير مما نتصور، فبيع النفط يعتبر شريان الحياة والمورد الرئيس للنظام الإيراني، إذ يؤكد خبراء في هذا المجال أن مبيعات النفط تشكل 70 في المئة من دخل الحكومة الإيرانية، وعلى رغم أن النظام الإيراني يخضع للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها أميركا وخفضت صادرات طهران النفطية إلى الصفر تقريباً عام 2019، إلا أنه وخلال رئاسة جو بايدن استطاع النظام الإيراني زيادة كمية صادراته النفطية إلى مستوى غير مسبوق.
ويرى كاتبا المقالة أن السياسة المتساهلة التي اتبعتها إدارة بايدن في تنفيذ العقوبات خلال الأعوام القليلة الماضية هي التي أدت إلى هذه الزيادة في قدرة إيران على إنتاج النفط وبيعه في الأسواق، وإضافة إلى ذلك وجد المسؤولون الإيرانيون طرقاً مختلفة للتحايل والالتفاف على العقوبات، كما أن طهران وبمساعدة الصين أنشأت “أسطولاً سرياً” من ناقلات النفط.
ويوصي جيري ساينفيلد وستيفن تيان بتعزيز فعالية العقوبات النفطية من خلال “أن تكون آلية تطبيق العقوبات أكثر صرامة، وكذلك تشديد العقوبات على أولئك الذين يتحايلون على العقوبات مثل التهديد بفرض عقوبات ثانوية على المشترين الصينيين، وينبغي تحذير الصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني، دبلوماسياً، وكذلك ينبغي وضع سقف لسعر النفط الإيراني على غرار ما حدث مع النفط الروسي، وممارسة الضغط على المنافذ الجغرافية، وبخاصة مضيق هرمز، حيث تمر 90 في المئة من صادرات النفط الإيرانية عبر هذا المضيق، إضافة إلى فرض عقوبات على الشركات الأوروبية التي تبيع السفن للأسطول السري الإيراني، مع فرض مزيد من العقوبات على شركات خدمات حقول النفط الإيرانية.”
وتتحدث المقالة أيضاً عن أن هذه الإجراءات إذا ما نفذت فستحد من إنتاج النفط الإيراني وتقلل من الموازنة التي ينفقها النظام الإيراني على الجماعات المرتبطة به.
وبالإشارة إلى أن إحدى العقبات الرئيسة أمام فرض مزيد من العقوبات على النفط الإيراني هو قلق الرئيس بايدن من احتمال ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلا أن كاتبي المقالة يريان العكس ويعتقدان أن هذه المخاوف في غير محلها ويمكن حلها، إذ إن صادرات النفط الإيراني تشكل جزءاً بسيطاً من صادرات النفط من الشرق الأوسط بنحو 12.5 في المئة، أي ما يعادل ربع إنتاج السعودية من النفط.
وبحسب كاتبي المقالة فإنه في خضم المخاوف من اتساع رقعة الحرب في أنحاء الشرق الأوسط وحتى استهداف القوات الأميركية من قبل المجموعات المسلحة، فإن الردع القوي ضد النظام الإيراني أمر ضروري، ويجب على طهران أن تفهم أنها إذا ما استمرت في تصعيد التوترات فإنها ستواجه عواقب وخيمة.
وفي النهاية يرى الكاتبان أنه “مع تشديد العقوبات النفطية المفروضة على طهران سيتم قطع الموارد المالية التي يحصل عليها النظام والجماعات الإرهابية المرتبطة به، وهذا يعني إيقاف وردع الأعمال العدائية الإيرانية وتقليل التوترات الإقليمية”.