عززت الولايات المتحدة قوتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط تحسبا لأي فعل عدائي إيراني. فطهران تصعد من خطابها الاستعراضي لزعزعة أمن المنطقة، خاصة أن أذرعها توعدت بأعمال إرهابية بالتزامن مع مرور عام على مقتل الجنرال في الحرس الثوري، قاسم سليماني، بضربة أميركية.
ويحبس العالم أنفاسه في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي توعد إيران برد قاس على أي هجوم إيراني تنفذه طهران في الخليج، حيث تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية على نظام خامنئي كبلت أذرعه في المنطقة.
وتوعد قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، السبت، بالرد على أي خطوة تستهدف إيران، وذلك خلال زيارته جزيرة استراتيجية في الخليج، في ظل تحركات عسكرية أميركية في المنطقة، شملت توجه حاملة الطائرات يو إس إس نيميتز، وقطع بحرية مرتبطة بها إلى مياه الخليج في الأسابيع الماضية، وتحليق قاذفات استراتيجية من طراز بي-52 فوق الخليج مرتين في الآونة الأخيرة.
ويرى الخبير العراقي في السؤون الأمنية، حسين علاوي، في حديثه لـ “موقع الحرة” أن المواجهة الأميركية الإيرانية انتقلت بالفعل إلى مرحلة تصعيدية.
رسالة ردع
لكن الخبير العسكري والعقيد المتقاعد بالجيش الأميركي، ديفيد دي روش، يرى أن التحشيدات العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، تأتي في إطار رسالة ردع.
وقال دي روش في مقابلة مع قناة الحرة، إن “واشنطن تريد أن تقول إن هناك برهانا على الإمكانية العسكرية وإن لدينا الكثير من القوات، وإن لدينا طرقا عديدة لإلحاق الأذى بكم إذا ألحقتم الأذى بمصالحنا، وهذه إجراءات عملياتية معيارية للقوات الأميركية”.
ووردت تقارير عن وصول صواريخ إيرانية دقيقة إلى العراق لضرب مصالح أميركية في العراق أو الخليج.
وقال ريتشارد جولبرغ، كبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والمدير السابق لمكافحة أسلحة الدمار الشامل الإيرانية في مجلس الأمن القومي الأميركي، “نعلم أن هناك صواريخ هربت إلى العراق وإلى الحوثيين في اليمن وإلى سوريا وإلى لبنان ونتابع هذه التهديدات”
ويرى جولبرغ، في مقابلة مع “قناة الحرة” أن “إيران غير مترددة في استخدام صواريخ حتى من أراضيها، كما أن لديها القدرة للوصول إلى نقاط أبعد لو أرادوا استهداف إسرائيل مثلا وليس فقط القوات الأميركية في الخليج”.
وأضاف أنه إذا حدث هجوم من داخل الأراضي العراقية، فهذا سيكون على حساب الشعب العراقي والسيادة العراقية وأنا لا أعتقد أن الشعب العراقي يرضى بأن يكون بيدقا في أيدي إيران، كما أن أميركا حينها لن يكون لديها خيار سوى الدفاع عن مصالحها.
ويقول دي روش إن إيران نادرا ما تقوم بعمل صريح، وهي تحاول دائما الإنكار وتستعمل ميليشيات عراقية وتقول ليس لنا علاقة بالرغم أنها تطلق أسلحة إيرانية.
أصعب أسبوع
ويتوقع علاوي أن يكون الأسبوع الأخير من فترة حكم ترامب هو أصعب أسبوع سيمر به الخليج ودول المنطقة وخصوصا العراق.
ويوضح أن تصاعد وتيرة التصعيد الكلامي تدل على أن “الإيرانيين لن يتنازلوا عن استراتيجية الثأر، وأن الأميركيين لن يتنازلوا عن استراتيجية الكرامة، وبالتالي الصراع ما بين الثار والكرامة صراع صفري ومدمر للمنطقة وهو ما جعل الإدارة العراقية برئاسة الكاظمي تسارع بفتح خط ساخن مع الجانبين الأميركي والإيراني”.
وأضاف أن التصعد في حالة الصراع الأميركي الإيراني “إما أن يكون مباشرا وبالتالي الصدام والضربة الثانية مقابل الأولى، أو تدخل طرف ثالث من خلال القوات الإسرائيلية التي قد تستثمر الموقف بضرب موقع نووي إيراني بطائرات إف 35 الأميركية التي اشتراها الإسرائيليون قبل عدة أشهر، وهو ما سيغير مسار الصراع وسينقله إلى صراع مفتوح.
ويحذر علاوي أنه في حالة الانتقال إلى صراع مفتوح فإن “هذا سيؤدي إلى أن يكون هناك مبرر لتدخل الفصائل الولائية القريبة من إيران، وبالتالي نظرية الرمال المتحركة ستكون هي سيدة الموقف على الأرض في العراق وسوريا ولبنان والمياه الإقليمية في الخليج وكذلك البحر الأبيض”.
ومع تزايد التوتر، أجلى الجيش الإسرائيلي، الأحد، مواطنين إسرائيليين من المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان قرب بلدة المطلة، وأعلن أنها منطقة عسكرية مغلقة، في أعقاب مظاهرات لناشطين لبنانيين على الحدود ترتبط بمرور عام على مقتل سليماني.
وكانت مصادر أمنية إسرائيلية حذرت من إمكانية تنفيذ إيران اعتداءات ضدها من مناطق مختلفة في الشرق الأوسط مثل العراق واليمن ردا على مقتل سليماني، والعالم النووي، محسن فخري زاده، كما أن الجيش الإسرائيلي رفع من درجة جهوزيته على الحدود من دون زيادة في عدد قواته.
ويقول جولبرغ “لو كان هناك تهديد جاء عبر القنوات الاستخباراتية، ونسمع هذا من البنتاغون، أن إيران ربما مستعدة للقيام بعمل إرهابي ضد القوات الأميركية، ربما في العراق، عندها يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ كل الخطوات الضرورية لردع هذا الاعتداء، والتأكد أن نظام إيران يعرف أننا سنرد لو تم تنفيذ هذا التهديد”.
من يضرب أولا؟
يشير جولبرغ إلى أن الفيصل في استخدام القوة العسكرية من جانب الولايات المتحدة هو إلحاق الضرر بأشخاص أميركيين “أعتقد أن أي نوع من الضربات الهجومية غير المسبوقة بأي فعل إيراني من جانب الرئيس ترامب أمر غير محتمل، لكنه لو رأي أي تهديد يتجسد في الأيام المقبلة أو إذا ألحق ضرر بأميركيين، وهذا خط أحمر أعلن عنه منذ أشهر، عندها يمكن أن يكون هناك إجراء عسكري”.
وسبق لترامب أن حذّر إيران من أنه سيحملها المسؤولية في حال مقتل أي من مواطنيه في العراق، وذلك بعد استهداف صاروخي قرب السفارة الأميركية في بغداد الشهر الماضي، اتهمت واشنطن فصائل عراقية قريبة من طهران بالوقوف خلفه.
ويرى علاوي أن القيادة الإيرانية “حاولت ضبط النفس والضغط على الفصائل الولائية المسلحة في منطقة الشرق الأوسط والعراق على وجه الخصوص لعدم استهداف المصالح الأميركية، لكن في المقابل لا يزال التصعيد الخطابي والإعلامي مستمر”، مشيرا إلى أن الجانب الأميركي “يترقب ويراقب من خلال الاستخبارات الجوية حركة الوكلاء وكذلك حركة الإيرانيين”.
ويقول دي روش “ربما هناك بعض التصعيد مع اقتراب مغادرة ترامب للبيت الأبيض، لكن لا أعتقد أن الرئيس يفكر في ضربة استباقية على المصالح الإيرانية، كما لو كان الحال في حالة بقائه في الحكم، مضيفا أن “إيران يجب عليها أن تبقى صامتة للأيام الباقية من حكم ترامب”.