قرر نظام الأسد أن يعلم ” الوجدان ” لتلاميذ المدارس ، في إطار سياسة القفز على الواقع والهرب إلى الأمام التي يتبعها ، ومنتقلا بقرار منه دون غيره من موقع من يقصف المدارس والأطفال بالبراميل إلى موقع من يعلم الوجدان والضمير .
التعلم الوجداني الاجتماعي كما أسماه وزير تربية النظام دارم طباع سيكون مقررا بدءا من العام الدراسي المقبل في جميع مراحل التعليم وهدفه تعزيز المواطنة والانتماء وتنمية العلاقات الاجتماعية معللا السبب في ذلك إلى ما أسماه بالانغلاق الاجتماعي والذاتي وعدم معرفة السوري للآخر خلال السنوات الماضية ، وهو ما كشفته الحرب بحسب تعبيره .
ويعد نظام الأسد قطاع التعليم أحد الأركان التي يقوم عليها حكمه لجهة عسكرة وتطويع المجتمع ، فقد منع فيه النشاط السياسي للأحزاب منذ استولى حافظ الأسد الحكم مقابل سيطرته عليه من خلال حزب البعث بمنظمتي طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة اللتين تلقنان التلاميذ دروس في طاعة الرئيس
من يقصف المدارس ويقتل التلاميذ لا يحق له الحديث عن التعلم الوجداني
ورأى الباحث الاجتماعي الدكتور محمود الحسن أن كلام الوزير هو حق يراد به باطل وقال إن موضوع التعلم الوجداني لا يمكن أن يتم إلا عندما يؤمن للمجتمع احتياجات أساسية ، مشيرا إلى أن التعليم التقليدي هو صعب التحقيق بالأساس فكيف يمكن الوصول إلى التعلم الوجداني الذي يعد مرحلة متقدمة من التعلم .
وقال إن النظام الذي قصف المدارس ودمر البنى التحتية بسبب مطالبتهم الحرية والآن يقول إنه سيعلهم التعلم الوجداني ، مشيرا إلى أن الوجدان الاجتماعي هو تطبيقي أكثر مما هو موجود في الكتب ، متسائلا هل لدى النظام كوادر لتعليم هذا المستوى الحضاري والمتقدم من التعليم .
وأضاف أن التعليم لا يمكن أن يتحقق إلا بإنجاز البنى التحتية الأساسية وتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع ، مشيرا إلى النظام يريد من خلال طرحه التعلم الوجداني الإيحاء بأنه نظام راق ويريد أن يطور بالعقول ولكن ذلك مجرد خطابات جوفاء لا تستند على أرض الواقع .
نظام الأسد العقائدي لا يستطيع إدخال نظريات تعليم متطورة وحضارية
ورأى الكاتب والصحفي محمد الحموي الكيلاني أن إضافة التعلم الوجداني هو موضوع مهم في حياة الطلاب والناس ولكن المشكلة هي أننا نتحدث عن نظام عقائدي يستند إلى منظمات مثل الطلائع والشبيبة لا تتلاءم مع ما يطرحه من نظريات تعليمية حضارية ومتقدمة ولا سيما أن النظام ينخره الفساد والتخلف
وكان وزير تربية النظام دارم طباع برر في حديث لصحيفة الوطن إدراج ما أسماه بالتعلم الوجداني الأجتماعي في المناهج الدراسية برغبة القيادة تعزيز المواطنة والانتماء ..
وتحدث طباع عن أن من دوافع إطلاق التعلم الوجداني الاجتماعي ما أسماه بالإنغلاق الإجتماعي والذاتي وعدم معرفة السوري للآخر خلال السنوات الماضية ، وهو ما كشفته الحرب بحسب تعبيره.
وبينما لم يوضح طباع الانتماء لمن ، فقد شرح رئيس منظمة طلائع البعث ياسر الشوفي في مقابلة مع وسائل إعلام النظام الأهداف بأن بشار الأسد هو الأمل ..
دوافع سياسية وراء اقحام النظام التعلم الوجداني
ورأى المحلل السياسي الدكتور غزوان عدي أن هناك دوافع سياسية وراء مايطرحه النظام ، مشيرا إلى أن النظام يقسم الناس بحسب انتماءاتهم الدينية والإثنية والعشائرية وقام بتفتيت المجتمع وهو لم يقم بأي عمل من أجل التواصل فيما بين السوريين
ويستجر النظام نظريات حديثة لاستخدامها كأدوات بعد أن استهلك الأدوات التي كان يستخدمها سابقا لضبط المجتمع من خلال منظمات الطلائع والشبيبة وغيرها وباستخدام شعارات زائفة وهو يسعى الآن إلى الاستيلاء على مفاهيم إنسانية مثل الوجدان لاستثمارها في ضبط المجتمع .
الوجدان الذي يريد النظام تعليمه للتلاميذ لا يبدو هدفا بذاته ويندرج ضمن استراتيجية النظام باتهام المجتمع وتحميله مسؤولية ماحدث خلال السنوات الماضية ، والغاية منه قلب الحقائق والتغطية على مااقترفه بحق السوريين ومن بينهم الأطفال الذين استهدف مدارسهم بالتدمير ..
وزير تربية النظام: هناك حاجة لتعلم الانفتاح وعدم الإنغلاق الاجتماعي
وشدد وزير تربية النظام في تصريحه لصحيفة الوطن على حاجة أجيالنا إلى يعزز المواطنة والانتماء، تنمية العلاقات الاجتماعية، لأنه تبين من خلال الحرب التي نخوضها أننا كبيئة اجتماعية كنا نعاني من الانغلاق الذاتي، حيث لا يعرف كل منا الآخر
وقال: نعمل الآن في مهارات التعلم القادمة على أن يعرف كل منا الآخر بشكل صحيح، وكذلك تعلم المهارات الحياتية والموسيقا والرياضة والمهن، وسيكون هناك منهاج خاص بكل منها في المرحلة القادمة، ونعمل على تضمين مبادئ التعلم الوجداني الاجتماعي في كل المناهج الدراسية.
وأوضح طباع أن الوزارة حالياً تعمل على وضع مفاهيم للتعلم الوجداني الاجتماعي وأدلة تعلمها بين يدي الطلاب، وهذه المادة لن تكون مادة نظرية فقط بل ستكون مادة عملية ولها أنشطة متنوعة، ويجب أن يكتشف المعلمون الطلاب والمهارات والإمكانيات التي يتمتعون بها، وأن يتم تعزيز المبادرات الطلابية.
النظام يقفز إلى أمام لإعطاء صورة مغايرة عن الواقع
ولطالما ركز النظام على أن المشكلة هي بالأخلاق وفسرها بغياب احترام الرموز ومن بينهم المعلم الذي أفرد له رأس النظام فقرة في خطابه الأخير وذلك في إطار منهجه في القفز إلى أمام وتجاوز الواقع بحقائقه المرعبة التي تسبب بها النظام إحدى أدواته لإعطاء صورة مغايرة عما فعلت يداه من خراب وتدمير البلاد فهو أكثر من الخطابة بتحميل المجتمع مسؤولية الحرب ، ومنها محاضرات بشار الأسد في الاخلاق والدين والعروبة
قيم أخلاقية إنسانية لا يبدو للنظام أية علاقة بها باعتراف دول العالم ومنظمات حقوقية وإنسانية يستخدمها الآن النظام من أجل تحقيق أهداف شخصية غير إنسانية وقلب الحقائق بعد فشله في الإطباق على البلاد باستخدام الشعارات القومية والوطنية التي استهلكها ، ولكن هل التوقيت والبنى التحتية في جهوزية من أجل تحقيقها .