بقلم د.رياض حجاب
أكثر من ثماني سنوات مرت على الحراك السلمي المطالب بالحرية والكرامة، والنظام لا يزال عاجزاً عن فهم قوانين التحول الحتمي، حيث يحاول عبثاً وقف مسيرة التطور والإصلاح من خلال تسخير أدوات القتل والقمع التي عفى عليها الزمن لوأد المطالب الشعبية، ويمعن قادته الأمنيون والعسكريون في ارتكاب شتى أنواع الانتهاكات بحق الشعب السوري.
ويأتي هذا الكتاب كسجل للتضحيات التي سطرها السوريون لنيل حريتهم، ويوثق الانتهاكات التي وقعت في حقهم وسبل محاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات، حيث يلقي الفصل الأول الضوء على ضرورة سلوك المسار القانوني الذي يعزز الحراك المجتمعي والسياسي، والفرص التي توفرها أدوات المحاسبة الدولية لمواجهة النظام وحمله على وقف الانتهاكات الواسعة التي دأب على ارتكابها منذ أكثر من خمسة عقود.
ويلخص الفصل الثاني أبرز الانتهاكات التي وقعت بحق السوريين، بما في ذلك ارتكاب جرائم القتل العمد والمجازر الجماعية، واستخدام الأسلحة الكيمائية والأسلحة المحرمة دولياً، وانتهاك حقوق النساء والأطفال، واستهداف الصحفيين، وتبني سياسات التعذيب الممنهج والتجويع والحصار والتهجير القسري والتمييز الطائفي، واستهداف المناطق السكنية بالبراميل المتفجرة والقصف الجوي، وغيرها من الجرائم المروعة التي تنتهك القانون الإنساني والقانون الدولي وسائر المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
ويمثل الفصل الثالث استكمالاً لجهود توثيق الجرائم، من خلال تقديم قائمة بأبرز قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والجرائم التي ارتكبوها بحق السوريين، وما نتج عن ذلك من تبعات أدت إلى إدراجهم في قوائم العقوبات الدولية، حيث يوفر هذا الفصل تفاصيل يمكن أن تساعد في تحديد الجناة ومحاسبتهم على جرائمهم.
إن الهدف الأسمى من هذا العمل هو التأكيد على أن الجرائم التي ارتكبها رموز النظام لا تسقط بالتقادم، وأن المساومات الدولية ومصالح القوى الفاعلة حول الشأن السوري لا يمكن أن تغير المبادئ التي قام عليها الحراك الوطني، والمتمثلة في نيل الحرية والكرامة ومحاسبة جميع من تورطوا في انتهاك حقوق السوريين.
لقد بذل القائمون على منظمة “مع العدالة” جهداً كبيراً في جمع مادة هذا الكتاب الذي ينوون استكمال مادته بأعمال أخرى تشمل سائر الجناة، من زعماء جماعات التطرف والإرهاب، وقادة الميلشيات الطائفية التي ارتكبت شتى أنواع الجرائم، والأنظمة الخارجية التي وقفت إلى جانب النظام وساهمت بآلتها العسكرية في سفك دماء السوريين وانتهاك جميع العهود والمواثيق الدولية والإنسانية بحقهم.
وإننا إذ نضع هذا الجهد بين أيدي السوريين والمجتمع الدولي بأسره؛ ليحدونا الأمل في تحقيق التعاون والتكامل مع سائر الجهود المخلصة لتحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري وجلب جميع الجناة إلى العدالة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
رياض حجاب
رئيس وزراء سوريا الأسبق