هدّد أحد قادة الفصائل المحلية في محافظة السويداء جنوب سورية، أمس الجمعة، المحافظ بسام بارسيك بطرده من السويداء إذا استمر ملف المياه على حاله كملف لابتزاز انتفاضة السويداء.
سليمان عبد الباقي، قائد فصيل “أحرار جبل العرب”، أكد هذا التهديد في فيديو نشر على شبكة الراصد المحلية. وأشار إلى أن موضوع المياه أصبح “خطًا أحمر”، وأنه إذا استمر المحافظ في التعنت واستغلال هذا الملف لأغراضه الشخصية على حساب حقوق الناس، فإنه سيتخذ إجراءات لطرد المحافظ من المحافظة.
تجدر الإشارة إلى أن مشكلة المياه في السويداء أصبحت موضوعاً مثاراً للجدل مجدداً خلال الأيام الأخيرة، بعد مرور شهرين ونصف الشهر تقريباً من اندلاع انتفاضة أهالي المحافظة ضدّ النظام السوري. هذه الانتفاضة نشأت نتيجة الأوضاع الصعبة التي وصل إليها الأهالي، حيث اضطروا إلى مواجهة العطش والجوع دون أن يتم تقديم حل فعال لهذه المشكلة.
وقال عبد الباقي، لـ”العربي الجديد” إن محافظ السويداء، الذي يتبع النظام السوري، يمارس ضغوطا على القرى التي شهدت انتفاضة ضد النظام وأزالت الرموز من الدوائر الرسمية، إذ يعرقل جهود إصلاح الآبار المتوقفة، مشترطاً أن يعيد الأهالي صور رئيس النظام بشار الأسد إلى مواقعها.
وأكد عبد الباقي أن “النظام وأدواته يرون ثروات البلاد كسلعة يمكنهم استخدامها حسب مصلحتهم الخاصة”. وأكد أن “الانتفاضة الشعبية في السويداء تسعى للسلمية وستظل كذلك”، لكنه شدد على أنهم “لن يتنازلوا عن حقوقهم، وأي شخص يحاول الوقوف بينهم وبين تحقيق تلك الحقوق سيتم طرده من المحافظة”.
في السياق نفسه، أصلحت مؤسسة مياه الشرب في محافظة السويداء 31 بئراً واستعادتها للخدمة بعد أيام قليلة من بدء الحراك الشعبي. هذا جعل الأهالي يشعرون بالقلق من تداعيات الانتفاضة وقدرتها على إبعاد الفاسدين عن السلطة وزيادة ضغوطها على من يحاولون إسكات الناس بالعطش.
وقدمت الصليب الأحمر الدولي مساعدات تشمل 20 مضخة غاطسة و8 محركات ودواليب وبطاريات لصيانة 6 صهاريج تستخدم لنقل المياه. هذه المساعدات تأتي في وقت تواجه فيه مؤسسة مياه الشرب في المحافظة صعوبات مالية كبيرة.
وقبل شهر، أقدمت مجموعة من المواطنين في حي الخزانات غرب مؤسسة المياه على محاولة اقتحام المؤسسة، حيث قطعوا الطريق أمامها ومنعوا الموظفين من الدخول والخروج منها حتى يتم حل مشكلتهم. هذه المشكلة تتمثل في عدم انتظام توزيع المياه على الأحياء وفي وجود فساد بين الموظفين.
استجابت وحدة مياه المدينة لهؤلاء المحتجين وفتحت المياه على منازلهم. بالإضافة إلى ذلك، نظم شبان مشاركون في حركة الاحتجاج الشعبي في بلدة القريا جلسة إصلاح بعد اكتشاف عيب في الغاطسة، حيث قاموا بحجز الرافعة حتى جلب غاطسة حديثة وقاموا بإصلاح إحدى الآبار التالفة. وفي بلدة شقا، قام شبان الحراك بإصلاح بئر آخر وأشرفوا على توزيع المياه.
ومع ذلك، تواجه قرية بارك في الريف الشرقي لمحافظة السويداء مشكلة في البئر المغذي لمنازلها، حيث يتعطل هذا البئر ويحتاج إلى مضخة جديدة. ويعتبر هذا البئر مهماً جداً لأنه يخدم منطقة ينتمي إليها النائب العام فؤاد سلوم وشقيقه رشيد، الذي يعتبر أحد قادة فصيل الدفاع الوطني في سورية وموالياً لجيش النظام. وكان شرط الإصلاح عودة صورة الرئيس الأسد الكبيرة التي أزالها المحتجون عن سطح البئر، مما أثار غضباً عارماً في السويداء وأدى إلى تهديد المحافظ بالطرد.
أكد مصدر داخل مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في محافظة السويداء لـ”العربي الجديد” قبول استقالة المهندس سعيد ملاعب، الذي كان يشغل منصب مدير الصيانة والاستثمار في المؤسسة، وذلك بعد عجزه عن الإقلاع الصحيح في أهم مديرية، وعدم تعاون الإدارة معه، وتفشيله في أي خطوة تطويرية، وذلك بعد سنوات طويلة من الفساد وهدر مليارات الليرات السورية.
أحد المطلعين على ملف المياه، أشار إلى أن استقالة ملاعب جاءت بعد كشفه عن حالات فساد في مديريته وعجزه عن تشكيل فريق عمل مؤثر يمكنه تنفيذ تحسينات فعّالة. قدم ملاعب العديد من المقترحات لمعالجة مشاكل احتراق المضخات الغاطسة نتيجة سوء الاستثمار وحدوث فقدان للكهرباء بسبب عدم وجود حماية للكابلات الكهربائية من التلف نتيجة الاهتزاز المتكرر. ومع ذلك، فشلت جميع هذه المقترحات بسبب عدم تعاون المدير العام معه، وبسبب انتشار الفساد في المؤسسة. علاوة على ذلك، لم يتم تنفيذ أي وعد حكومي بوضع حد للفساد داخل المؤسسة أو خارجها.
تجدر الإشارة إلى أن مشكلة الفساد في مؤسسة مياه الشرب في محافظة السويداء أثرت على نطاق واسع ووصل صداها إلى خارج حدود سورية. عدة منظمات دولية حاولت مساعدة في حل المشكلة، ولكن السبب الرئيسي والأكبر في استمرار الفساد هو تورط السلطات المحلية والصعوبة في محاربته.
في هذا السياق، تشير الناشطة الحقوقية سلام عباس إلى أن استهداف المدنيين وحرمانهم من الإمدادات الأساسية مثل المياه يمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان بشكل عام. ويكون ذلك صحيحاً بشكل خاص خلال فترات الحروب والنزاعات، سواء كانت هذه النزاعات مسلحة أو سياسية.
تُضيف سلام عباس أن هناك نصوصاً قانونية كاملة من منظمات دولية تجرم حرمان المدنيين من الوصول إلى المياه في أي ظرف من الظروف، سواء كانوا مواطنين عاديين أو حتى أعداء. وقد تم اعتماد قوانين واضحة بهذا الصدد من قبل منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، وتعتبر الانتهاكات لهذه القوانين جرائم يمكن محاسبتها وفقاً للقانون الدولي.