خلال الأسبوع الماضي كان هناك تغيير خطير في الإدارة الأمريكية وتشير التغييرات إلى بداية جديدة للإدارة، ولكنها تثير أيضاً تساؤلات حول دبلوماسية البلاد لاسيما سياساتها في سوريا، حيث أدى إصرار الولايات المتحدة على دعم ميليشيات الحماية في النهاية إلى الابتعاد عن تركيا حليفتها في الناتو.
ومع ذلك وفقاً للخبراء فإن تغيير الإدارة الأمريكية لن يضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين بغض النظر عما ثبت في الماضي.
إن التغييرات في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وخاصة في سوريا متوقعة خاصة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين على تويتر أنه أقال وزير الدفاع.
في نفس اليوم أعلن وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” أن “جيفري” سيتنحى عن منصبه كممثل خاص للولايات المتحدة لسوريا ومبعوثاً خاصاً للتحالف العالمي لهزيمة تنظيم الدولة.
قال “عبيدة هيتو” مراسل “تي آر تي” في سوريا: إن الأمر يعتمد حقاً على ما تخطط إدارة ترامب للقيام به فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والإجراءات الخارجية في الوقت الذي تمر فيه هذه الفترة الانتقالية.
ومع ذلك كرر “هيتو” أيضاً أنه بما أن ترامب قد طعن في نتائج الانتخابات ويستعد لمعركة قانونية فلا يزال من غير الواضح ما هي النتيجة الدقيقة للانتخابات الأمريكية.
من المهم أن إدارة ترامب قد اتخذت هذه الخطوات في هذا الوقت بالذات خلال الفترة الانتقالية وربما تخطط إدارة ترامب لاتخاذ تدابير جذرية في المنطقة على المدى القصير.
من المحتمل أن يكون الرئيس رجب طيب أردوغان غير قادر على التأثير على السياسة الأمريكية من خلال مكالمة هاتفية بسيطة مع بايدن بمجرد توليه منصبه، كما فعل أحياناً مع الرئيس الحالي دونالد ترامب.
لا يتطلع الرئيس الأمريكي المنتخب إلى دفع تركيا بعيداً بل يسعى لإعادة إشراك الحليف الإستراتيجي جغرافياً والقوي عسكرياً في الناتو بشروط أكثر صرامة.
تتسبب عدة قضايا في توتر العلاقات الثنائية بين حلفاء الناتو حيث تحافظ سوريا على مكانتها باعتبارها الأكثر تعقيداً بسبب المصالح المتعارضة.
مع استقرار إدارة بايدن في السلطة ستدخل الحرب السورية عقداً في آذار/ مارس 2021.
مع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للصراع المستمر لا تزال البلاد منقسمة بين مناطق يسيطر عليها النظام والشمال الغربي الخاضع لسيطرة الفصائل الثورية والشمال الشرقي الذي تهيمن عليه الجماعات الإرهابية المتمثلة بميليشيات الحماية.
في حديثه إلى صحيفة “ديلي صباح” صرح “حسين ألبتكين” الباحث في مؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (SETA) بأن القضية الأكثر أهمية في تركيا والولايات المتحدة في العلاقات هي فيما إذا كان بايدن سيصر على ممر وحدات حماية الشعب في سوريا الذي بدأ خلال إدارة أوباما عندما كان بايدن نائباً للرئيس وأشار إلى أن مثل هذه الخطوة ستُقابل بمقاومة من تركيا وقد تتسبب في نهاية المطاف في قطع العلاقات.
وأضاف: “مع ذلك إذا لم يكن هناك إصرار على حزب الاتحاد الديمقراطي فلا يوجد سبب لعدم توافُق سياسات تركيا وبايدن في الشرق الأوسط مع بعضها البعض”.
اشتركت الولايات المتحدة بشكل أساسي مع وحدات حماية الشعب في شمال شرقي سوريا لمحاربة تنظيم الدولة.
وعارضت تركيا بشدة وجود الجماعة الإرهابية في شمال شرقي سوريا وتشكيل ممر إرهابي، والذي كان نقطة شائكة رئيسية في التوتر بين تركيا والولايات المتحدة.
بذريعة محاربة “تنظيم الدولة” قدمت الولايات المتحدة تدريبات عسكرية وقدمت شاحنات محملة بالدعم العسكري لوحدات حماية الشعب على الرغم من المخاوف الأمنية لحليفها في الناتو.
من شأن أي جهد من جانب إدارة بايدن لإشراك حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب أن يزيد الضغط على علاقات تركيا والولايات المتحدة.
وبالمثل فإن خطوات بايدن المحتملة للتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا سوف يُنظر إليها على أنها تحدٍّ للسيادة التركية والاستقلال، ويمكن أن تقوض العلاقة الثنائية”، كما كتب “يحيى بستان” في عمود في صحيفة “ديلي صباح”.
مع التأكيد على أنه لا يمكن لأحد أن يدعم جماعة إرهابية لمحاربة أخرى، قامت تركيا بعمليات مكافحة الإرهاب الخاصة بها والتي تمكنت خلالها من إبعاد عدد كبير من الإرهابيين من المنطقة.
ومع ذلك فإن الرابطة الشخصية بين ترامب وأردوغان -وهو أمر تمتع به رئيس البيت الأبيض فقط مع مجموعة صغيرة من قادة العالم ذوي الإرادة القوية- ساعد في تخفيف الكثير من الضرر.
تم توثيق العلاقة الشخصية بين ترامب وأردوغان بشكل جيد خلال فترة رئاسة الرئيس السابق، مما يشير إلى أن الاثنين كانا لاعبين رئيسيين في التغلب على المشاكل الثنائية بين البلدين.
وأعرب ترامب في مناسبات عديدة عن انسجامه مع أردوغان بشكل جيد، بينما ذكر أردوغان أكثر من مرة أن العلاقات مع إدارة ترامب أفضل من تلك التي كانت مع سلفه.
عندما يتعلق الأمر بـ”بايدن” من ناحية أخرى فإن ملاحظاته حول هذه المسألة قبل انتخابه تشير بالفعل إلى أنه سيكون هناك تغيير في كيفية إنجاز الأمور.
اقترح بايدن صراحة أنه يجب دعم وحدات حماية الشعب في سوريا وشكك في وجود صواريخ الناتو في قاعدة إنجرليك الجوية التركية.
في رأي هيتو خلال عهد بايدن سيزداد الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب.
وذكر أيضاً أنه من أجل حل سياسي في سوريا فمن المرجح أن يجمع بايدن مجموعة دولية بما في ذلك نظام الأسد في الفترة المقبلة.
كتب جوليان بارنز داسي مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) الأسبوع الماضي أن بايدن يبدو على استعداد للاحتفاظ بوجود عسكري صغير في شمال شرقي سوريا مع دعم أكبر لميليشيات “سوريا الديمقراطية” التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب.
وقال: “ليس من الواضح تماماً كيف ستكون سياسة إدارة بايدن تجاه سوريا لأنهم لم يكونوا صريحين جداً بشأنها”.
وفقاً لهيتو تدرك الولايات المتحدة جيداً أن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
والآن مع خروج ترامب كتب جونول تول المحلل في معهد الشرق الأوسط في مذكرة بحثية: “لدى أردوغان سبب للقلق”.
وأضاف سام هيلر المحلل المستقل في شؤون سوريا: “لا أعتقد أن إدارة بايدن ستكون منغمسة في التعامل مع تركيا في سوريا وفي أي مكان آخر”.
ومع ذلك قال ألبتكين “يمكن أن يكون انتخاب بايدن نقطة تحول للشرق الأوسط” مضيفاً أن الرئيس المنتخب حديثاً قد لا يستمر في الدعم غير المشروط وغير المحدود الذي قدمه ترامب لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والتحدث علناً ضد النفوذ الروسي المتزايد في المنطقة.
قال ألبتكين: “قد يرغب بايدن في إنشاء كتلة تحالف إقليمي جديد مقابل روسيا لذلك سيحتاج إلى تركيا”.
لقد أظهرت الأزمات السورية والليبية وناغورنو كاراباخ أن تركيا قوة إقليمية يمكنها موازنة التوسع الروسي في المنطقة.
إذا تصرف بايدن وفقاً لذلك فيمكن أن تتاح له فرصة العمل مع لاعب إقليمي قوي بدلاً من المنظمات الإرهابية.
المصدر دايلي صباح