روت ناشطة روسية مناصرة للثورة السورية قصة اعتقالها في سجون النظام وما شاهدته من أنواع التعذيب بحق المعارضين.
وكانت الناشطة “كاترينا شميدتك” المتحدرة من مدينة “بطرسبورغ” تدرس اللغة العربية في جامعة دمشق عام 2009 ومع بداية الثورة السورية شاركت في المظاهرات التي شهدتها مدينة دمشق، فاعتقلها النظام وأطلق سراحها بعد أن استطاعت أن توصل صوتها لصديق أخبر بدوره السفارة الروسية عنها وعادت “كاترينا” إلى روسيا، ولكنها لم تلبث أن عادت ثانية إلى سوريا عن طريق تركيا والتقت –وفق ناشطين- بالعديد ممن تعرضوا للتعذيب في سجون النظام.
وروت قصتها لراديو “سفابودا” الروسي المعارض من خلال برنامج وثائقي بعنوان “صلاة من أجل الحرية”.
كانت “كاترينا” طالبة في جامعة “سانت بطرسبرغ” عام 2009 عندما قررت الانتقال إلى سوريا لتدرس في معهد اللغة العربية بدمشق، ومع بداية الثورة شاهدت مظاهرات دمشق ضد نظام الأسد، وأرادت أن تشارك -كما تقول- ولكنها كانت خائفة من الاعتقال، وخاصة أنها كانت مراقبة من جهاز الأمن السوري شأنها شأن جميع الأجانب الذين يعيشون في سوريا.
وأشارت الناشطة الروسية في الوثائقي المذكور إلى أنها تحدثت للكثير من السوريين آنذاك وقالوا لها إنهم يريدون ثورة سريعة ظناً منهم أن أوروبا ستدعم “الربيع العربي” وستأتي بالديموقراطية إلى سوريا.
ووفقاً لشهادة “كاترينا” واصل السوريون في السنوات الأولى من الثورة التنقل بحرية في جميع أنحاء دمشق “كان من الممكن ركوب حافلة متجهة إلى مناطق يسيطر عليها تنظيم “الدولة” الإسلامية أو الجيش السوري الحر. وكان الشيء الأصعب هو اجتياز التفتيش عند الحواجز.
عام 2012 ذهبت الناشطة الروسية إلى إحدى ضواحي حلب لزيارة أصدقائها. وبسبب كثرة الحواجز، لم تتمكن من الوصول إلى بلدتهم في ضوء النهار، فاضطرت إلى قضاء الليلة في فندق بمدينة حلب، وفي كل فندق كان هناك رجل مخابرات يكتب التقارير بحق زبائنه وبخاصة الأجانب منهم –حسب قولها- وفي اليوم التالي تم استدعاؤها لأحد فروع الأمن واستجوابها. وكشفت “كاترين” أن أحد ضباط الأمن السوريين الذين استجوبوها قال لها إنه يريد قضاء ليلة معها وحينما رفضت انفعل، وأطلق بحقها سيلاً من الشتائم المذلة والوقحة وتوعدها بالانتقام ليتم اقتيادها في اليوم التالي إلى مركز الشرطة، حيث تم اعتقالها ثانية.
وتروي “كاترينا” أنها بكت بلا انقطاع، حيث كانت ظروف الزنزانة مروعة وكان الطعام يقدم للمعتقلين مرة واحدة في اليوم فقط، وذكرت أن السجانين كانوا يسخرون منهم ويقولون في بعض الأحيان “إنها تمطر، من سيذهب في هذا الطقس ليحضر لكم الأكل.
وبقيت المعتقلة الروسية 10 أيام في مركز الشرطة قبل أن يتم نقلها إلى سجن حقيقي في حلب -كما تقول- وكان الأمر مروعاً بالنسبة لها وهي ترى المعتقلين يرقدون على الأرض في كل مكان، إذ لم تكن هناك مساحة كافية، وكان المكان عبارة عن نسيج متشابك من أجساد بشرية “قذرة”-حسب وصفها- وكانوا جميعهم يرتدون نفس لون الملابس بنية اللون المبلتة بالعرق والدم، وبدا بعضهم مصاباً بجروح متقيحة، وكانت الرائحة تبعث على الدوار.
وكشفت “كاترين” أنها وُضعت في زنزانة تفتقر إلى النوافذ والتهوية، وكان التنفس –كما تقول- صعباً للغاية ولا يسمح للمعتقلين باستخدام الحمام أكثر منن مرتين في اليوم، وكان القمل في كل مكان وعلامات الجرب ظاهرة على أجساد المعتقلين.
وكشفت المعتقلة الناجية أن إحدى المعتقلات معها طلبت فتح الباب لتهوية الزنزانة فما كان من السجانين إلا أن شدوها من شعرها وضربوها حتى نزفت ثم ألقوا بها في ركن قصي من الزنزانة.
أما الطعام -حسب قولها- فكان مجرد قطعتين من البطاطس المسلوقة الباردة وثلاث قطع من الخبز وأحياناً يعطون السجين ملعقة من الحمص أو اللبنة الحامضة أو الزيتون، وكانت المعتقلات في الزنزانة دائمات المرض ويصبن بالتسمم في أحيان كثيرة ولم يكن من أدوية إلا “أنالجين” وهو دواء بيطري خافض للحرارة يعطى للمواشي والدواجن والخيول، مشيرة إلى أن صديقة لها تدعى “كريستينا” كانت تعاني من آلام شديدة في منطقة الكلى. وتصرخ باستمرار، ولا تستطيع أن تأكل أو تشرب، ثم بدأت تتحول إلى اللون الأزرق وفقدت وعيها.
وعندما طرقت “كاترينا” باب الزنزانة لطلب مساعدتها لأنها تحتضر أجابها السجانون: “عندما تموت أخبرينا”.
وأشارت “كاترينا” إلى أنها لم تتعرض للتعذيب على الأرجح لأنها أجنبية وتم اعتبارها مجرمة سياسية –كما تقول- وكانت محظوظة لأنها تمكنت من إخبار صديق بأنها محتجزة بعد 20 يوماً وبدأت السفارة الروسية بإعداد وثائق الإفراج عنها وبعد أسبوع تم نقلها إلى “فرع كفر سوسة” وجاء السفير إليها بعد ذلك ليتم نقلها بعد أسبوع إلى روسيا.
في “سانت بطرسبرغ”، أتبعت “كاترينا شميدتك” دورات تصوير ضوئي وعادت إلى سوريا عدة مرات لالتقاط صور للحياة في البلاد.
وفي عام 2017، سافرت إلى تركيا وألمانيا للقاء اللاجئين السوريين.
وهناك صورت مشروع صور وثائقية “صلاة من أجل الحرية” الذي يتضمن شهادتها وشهادات من نجوا من السجون السورية مع قصص حول ما مروا به.